شعار قسم مدونات

السعي لشرعنة النظام.. ما وراء أهداف المنتخب الأسدي

blogs - Syrian football team

(Pawn Sacrifice) "تضحية البيدق" فيلم سياسي وسيرة ذاتية وإثارة، من إخراج إدوارد زويك وبطولة توبي ماغواير، ينقل اهتمام الولايات المتحدة الأميركية بموهبة بوبي فيشر ودعمها له والاستفادة من موهبته في حربها ضد روسيا خلال فترة "الحرب الباردة."
 
لم تكن موهبة فيشر القنص أو المناورات العسكرية بالطائرات، وإنما كانت احتراف لعبة الشطرنج!
 
آن ذاك، كانت لعبة الشطرنج في روسيا هي لعبة وطنية، اشتهر بها الروس وحققوا المراكز الأولى في بطولاتها ومسابقاتها، وكان اللاعب يلقى اهتماما ودعماً كبيراً ويعامل كسفيرٍ أو جنيرال. وكانت روسيا تحافظ على المركز الأول في الشطرنج لإثبات قوة العقل الروسي للعالم وكانت الشطرنج الساحة المثالية لتحقيق ذلك.
 
يقول فيشر في إحدى تصريحاته لصحيفة أميركية "انظروا لما قدمته لأميركا، لم يسبق لأحد منفرداً أن يُسهم في تعزيز صورة أميركا أمام العالم كما فعلت أنا، أنا مؤمن بذلك تماماً. ففي عام 1972 عندما أحرزتُ بطولة العالم للشطرنج كانت الولايات المتحدة -كما تعلمون- تقدم صورة بكونها بلد كرة القدم، وبلد البيسبول، لكن لا أحد يفكر بالولايات المتحدة بصفتها بلد الفكر، ولقد بدلت كل ذلك منفرداً، أليس كذلك؟ يبدو أنني كنت مفيداً لبلدي في ذلك الوقت، لأنها حينذاك كانت تخوض الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي".
 
تزامناً مع دخول الثورة السورية في مرحلة شبيهة بمرحلة الحرب الباردة. يقوم النظام الأسدي بمحاولة إثبات نفسه كممثل شرعي للوطن سوريا، وشرعنة نفسه بمحفلٍ رياضي هام، إذ أن كرة القدم في هذا القرن هي اللعبة الأكثر جماهيرية في العالم، والأكثر متابعة بكل حيثياتها وجزئياتها.

 

رئيس اتحاد كرة القدم السوري المدرب فرج إبراهبم، ولاعب خط الوسط أسامة عمري يرتديان قميص يحمل صورة بشار الأسد (رويترز)
رئيس اتحاد كرة القدم السوري المدرب فرج إبراهبم، ولاعب خط الوسط أسامة عمري يرتديان قميص يحمل صورة بشار الأسد (رويترز)

 
وليوصل رسالةً عبر منتخبه المجرم بعد فوزه، يبدأ بها لاعبي "الفريق الأسدي" بشكر الرئيس بشار الأسد ثم رسالة -ملقنة مسبقا- للاعبين، مليئة بالدسائس والأكاذيب يتحدثون بها عن قوة الجيش الأسدي وانتصاراته وأخلاقه الحميدة ودعمه للمواهب، وفتح بابه لكل من يريد المصالحة، وتطبيع العلاقات مع النظام المجرم والقبول بمؤسساته الفاسدة والمجرمة والقبول أو التقبل لتمثيله.
  
وهذا الهدف الحقيقي الخفي للنظام الأسدي وليس تلك الكرات التي دخلت في المرمى. ولن استطرد في الحديث عن استقطاب النظام الأسدي لحازم شريف الذي فاز بلقب "محبوب العرب" في برنامج "أرب أيدول" وكيف استطاع النظام -زورا- نسب دعم وتحفيز المواهب له، وهو الذي حارب وقتل المواهب؛ فنفى وحارب الحارس الماهر عبد الباسط ساروت ورسام الكاريكاتير المبدع علي فرزات والفنانة القديرة فدوى سليمان، وأهمهم المبرمج العظيم الشهيد باسل الصفدي الذي شهدت له أكبر شركات الإنترنت مثل ويكيبيديا وغيرها بالعبقرية والإبداع في البرمجة والهندسة، وشهدت له مجلة فورين بوليسي الأميركية كواحد من أفضل 100 مفكر عالمي لعام 2012. وقد استشهد في عام 2015 في إحدى معتقلات النظام السرية بعد أن تم نقله من سجن عدرا.
 
لم نخرج ضد بشار الأسد وحده، بل خرجنا ضد منظومة مجرمة مارست الظلم ونشرت الفساد واستعبدت المواطنين.
 
استخدمت الجيش الذي يجب أن يحمي الوطن، لاحتلاله! وأهل العلم ودعاة الدين، لتشريع ما جاء به النظام وشرعنة حكمه! استغلت التجار وغيرهم، وليس آخر ما استغلت أو استخدمت،  ثلة من المرتزقة والشبيحة الرياضيين، لتفرح وتحتفل هي وشبيحتها في محفلٍ شُرعِنَ فِيهِ حُكمُها وتَفَرَّدت فِيه، وكانت زوراً ممثلة للوطن.. سوريا.
 
خرجنا في الثورة ضد الظلم والفساد.. خرجنا ضد مشرعني النظام من " أحمد حسون" وغيره.. خرجنا ضد هذا المنتخب الأسدي.. ضد المؤسسات العسكرية الأسدية الفاسدة التي تعذب الشعب، وكل من يُشرعن تلك المنظومة المجرمة الظالمة الفاسدة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.