المشاكل التي تشهدها الساحة الإسلامية ليست وليدة ما يتمُّ ترويجه من أفكارٍ حديثةِ الإنتاج قديمة الدراسة كفكرة أن الإسلام غير مناسبٍ لهذا الزمان وأنّ هذا الدين دينُ تخلّفٍ وأنه قد اجتاز الألفيّة من الزمان وأصبح بحاجةٍ إلى التعديل.. المشكلة ليست في الإسلام بل بالشعوب والقادة والساسة والعلماء والفقهاء وكل عوامل الدولة وعضُدِها، المشكلة في المسلمين ذاتهم، المشكلة في الناس! في الشعوب الإسلامية!
لم يكن الأولون مخلصين جهّالاً، بل كان العلم هو الأولويّة، فالإخلاص المجرّد من العلم هو آفّة الآفات وهادم الأمم والحضارات، فكم من مخلصٍ جاهلٍ أضرَّ بالأمّة أكثر من عدوٍّ مُتربّصٍ |
ما نراه من ضعفٍ وخمولٍ فهو من تراخينا وتهاوننا ولأننا سَيّرنا الدين كما يرتضيه الأعداء المتربّصون بنا، المشكلة فينا نحن المتشرذمون المتفرقون المتعادّون فيما بيننا بالرغم من أننا حاملين للقب المسلمين.. جاء الإسلام على الأوس والخزرج في أوج اقتتالهم والدماء مُراقةٌ بينهم فتآخوا وأصبحوا كالجسد الواحد.
المشكلة ليست في الإسلام فهو ليس عبارةٍ عن أحكامٍ تُطبّق حسب الهوى وكما ترتضيه العقول المتخلّفة وكما تهواه الأنفس، المشكلة ليست في نصوصه وقوانينه بل هي كامنةٌ في تفسير الناس لها وآليّة تطبيقها. لو كان الدّين هو المُعضلة لما جاب مشارق الأرض ومغاربها وأصبح دستوراً وشرعاً يَحتكِمُ الناس به في يومٍ من الأيام حين قامت به سواعد أُناسٍ أخلصوا لما تعلموه من المدرسة النبويّة فكانت زهوة الدّين سائرةً في ربوع الأرض بهمّتهم وعزيمتهم.
لم يكونوا مخلصين جهّالاً، بل كان العلم -وما زال وسيبقى- هو الأولويّة، فالإخلاص المجرّد من العلم هو آفّة الآفات وهادم الأمم والحضارات، فكم من مخلصٍ جاهلٍ أضرَّ بالأمّة أكثر من عدوٍّ مُتربّصٍ. الشرائع لم تُبدّل والقوانين لم تُنسّخ وليس للزمان علاقة بل الناس تغيّرت وتغيّر فكرها ومسارها.
الإسلام دينٌ كاملٌ خالٍ من النواقص والشوائب، مستقطبٌ للناس وجاذبهم إليه وموجههم نحو التكريم الإلهي للإنسان ومكمّلٌ لكلّ معاني الإنسانية الحقيقية ومُرفّعها بين الخلائق. الإسلام يحثّ على العلم والعمل ويحثّ على الكفاح في إعمار الأرض بنشر أنوار العلم لا على خرابها بالجهل. يحثّ على الالتزام والرفعة بالأخلاق الكريمة السمحة الحميدة.. يحثّ على تآخي المسلمين وتحقيقهم لعزته..
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.