شعار قسم مدونات

هل ما زال صالح يكذب؟

blogs - علي عبد الله صالح رئيس اليمن السابق

علي عبد الله صالح 33 سنة من الحكم مليئة بالمعاهدات والاتفاقيات والنقض. من خلال مراجعة الاتفاقيات، أنواعها عددها ومضامينها، تجد وكأنه حين التوقيع يأخذ صالح على خاطره لزوم الالتفاف عليها، لا التزام ولا تنفيذ، بل تحايُل. كان لذلك الأثر السلبي على وضع البلد وعلاقاته داخلياً وخارجياً. وأضر بالعملية السياسية، وهز الثقة بين قوى والأحزاب وكل مكونات المنظومة السياسية.

مع الجنوبيين تحايل صالح، فمواعيده والتزاماته الكاذبة تجاه الجنوبيين إضافة لعوامل أخرى تتعلق بعلي سالم البيض، تسببت في حرب 94، والتي راح ضحيتها مقتل 931 جندي ومدني، بالإضافة إلى خمسة آلاف جريح، من جهة الشماليين . وستة آلاف قتيل و513 مدني من جهة الانفصاليين .إضافة إلى 7.000 – 10.000 حالة وفاة من المدنيين بسبب الحرب.

كل ذلك بعد توقيع "وثيقة العهد" والاتفاق في الأردن بين علي صالح وعلي سالم البيض وبوساطة الحسين بن طلال ملك الأردن .كان إسهام علي صالح كبير في نقض الاتفاق كنتيجة لسعية إلى السيطرة والاستحواذ على حكم اليمن دون شراكة فعلية مع الجنوبيين بحسب ادعاء علي سالم البيض وكما نصت الوثيقة. وفيما يتعلق بديمقراطية الحكم، والحصول على السلطة، كان الغش هو السائد فيها حيث كانت العلاقات بين حزب المؤتمر والناخبين زبائنية تتفشى فيها ظاهرة البداوة الحزبية. وفوراً أصبحت ثقافة سائدة لدى كل الأحزاب اليمنية.

وقعت سلسلة حروب كانت الدولة طرف فيها وطرفها الآخر الحوثيين، راح ضحيتها الكثير. وكان صالح الرئيس يطل علينا بخطاباته المتكررة والدورية من وراء كل حادث، محذراً من جماعة مسلحة تنخر في الجمهورية وتهدف لإعادة الحكم الإمامي

الزبائنية بين الحزب وقواعده تعني تأييد سياسات الحزب والتصويت له في الانتخابات لقاء منافع مادية سريعة. والبداوة الحزبية كنتيجة طبيعية للزبائنية، تعني تغيير الحزب السياسي بوتيرة متسارعة لأن زعماء القبائل ليسوا آيديولوجيين ويبحثون عن تأمين مصالح شخصية أو قبلية. بحسب تعريف كارنيجي اندومنت. فجعل من المحسوبية أداة سياسية فاعلة، وتحولت حياته السياسية مع المعارضة من تنافس حول البرامج والأهداف إلى تنافس لكسب ولاءات وشخصيات وزعامات قبلية، فسخرت الدولة ومواردها لتحقيق أهدافه الضيقة. 

مسلسل الكذب والخداع لم ينته فقد مر على حلقات متتالية، فمن سياسة الحزب إلى أجهزة الدولة إلى علاقة الحكومة الخارجية مروراً بقضية الجنوب والقاعدة والطائرات بدون طيار، وابتداءاً بسلسلة أخرى كانت بدايتها احتجاجات 2011 إلى المبادرة الخليجية الحوار الوطني. وكلها تهدف لشيء واحد، هو الحفاظ على المصلحة الذاتية، السلطة والثروة.

لم ينته المسلسل بعد، فقد جاءت الخدعة التي وضعت اللبنة الأولى لعودة الإماميين. وقعت سلسلة حروب كانت الدولة فيها طرف وطرفها الآخر الحوثيين بقيادة حسين بدر الدين، راح ضحيتها 25.000 قتيل، 27.000 معاق من سكان صعدة إضافة إلى نزوح 250.000 يمني. وكان صالح، الرئيس يطل علينا بخطاباته المتكررة والدورية من وراء كل حادث، محذراً من جماعة مسلحة تنخر في الجمهورية وتهدف لإعادة الحكم الإمامي.

في ديسمبر 2014 أطلت علينا شراكة سياسية انقلابية طرفها الأول جماعة (أنصار الله) الحوثيين، والطرف الآخر صالح، قاتل الأب الروحي للجماعة، في مجلس مشترك، أسموه المجلس السياسي الأعلى . بعد حلف عسكري غير معلن، كان قد بدأ تنفيذه من صعده إلى عمران وحتى وصل إلى بالجنوب.

اكتشفنا أخيراً بعد كل تلك الخسائر والأرواح أن الحرب كانت خدعة، نعم، خدعة صنعها علي صالح ونماها حتى أصبحت سلطة اليمن الحميري بأيدي هؤلاء البدائيين، المتحالفين معه .اليوم يرفع علي صالح لافتة المصالحة، لكن هل سيُصدّق صالح؟! أو بالأصح هل سيَصدُق؟! وهل هو صادق في دعواه أم هي جزء من حلقات مسلسل الكذب والخداع؟!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.