شعار قسم مدونات

الإصلاح أم الانقلاب

blogs - شعارات إسقاط النظام
عندما تصبح الأمور غير مستقيمة معوجة مخالفة لأبجديات التفكير العقلي ومناهضة لمشاعر وطاقة الإنسان الحيوية المسيرة حسب أحكام الإسلام، وعندما تصبح الأمة الإسلامية مسلوبة الإرادة، أي مستعبدة لا قيمة لها ولاشأن لها يذكر بين الأمم والدول، أي أنها أمة غير موجودة لأن وجود الأمم يكون بالتأثير في غيرها من الشعوب والأمم، وعندما تتكالب دول العالم على هذه الأمة الإسلامية الكريمة بين محتل لها عسكريا بوجود الجيش الغازي الصليبي كما في العراق وأفغانستان، ومع خنجر سرطاني مسموم في قلب الأمة فلسطين درة تاج المنطقة، وعندما تحتل الأوساط السياسية والثقافية المبضوعة بثقافة الغرب التي نحشو بها عقولنا بسب تقليدنا الأعمى لهم مخدوعين ومضللين بأساليبهم مركز الصدارة في مجتمعاتنا، وعندما تسيطر حالة من الخمود والكسل واللامبالاة على أحوال الأمة، وعندما تصبح أفكارنا واقعية ملتصقة بالأرض..

 وعندما نصبح مكبلين كما يكبل المارد في حالة نومه في سبات عميق لا يفيق من نومه إلا بضربات موجعة تهزه هزا، كان لا بد لنا من التفكير في التغيير ومنهجية التغيير والنتائج المرجوة من التغيير ومدى انضباطها بقواعد الشرع الحنيف الذي أرسى لنا دعائمه سيد الخلق والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم حتى يستيقظ ذاك المارد الإسلامي ليزأر زأراً يهز أركان العالم معلناً ميلاد حقبة تاريخية جديدة تنعم بها البشرية بالعدل والرخاء تحت ظل حكم الإسلام المتمثل بالخلافة الإسلامية.

حالنا كحال جاهلية قريش من حيث تطبيق الإسلام كنظام حياة، ومن حيث أمان المسلمين الذاتي، من حيث الدار فهي دار كفر قطعا ولا كلام

مقدمة:
بعد سقوط دولة الخلافة حافظة الدين والدنيا ظهرت تكتلات وتيارات فكرية وسياسية غايتها تحقيق التغير للأوضاع السيئة وإحداث نقلة نوعية على نطاق الحال المعاش على صعيد حال الدولة والمجتمع والفرد، ومن أبرز هذه التيارات الساعية للتغير هي التيار الإصلاحي والتيار الانقلابي، وكل الأحزاب إما مع هذا أو ذاك. ونشير هنا إلى أنه لم يختلف أحد من المفكرين والسياسيين أن الإصلاح هو التغيير الجزئي لواقع الحال، وهو نقيض الانقلاب، أي التغيير الكلي أو الجذري للواقع. ومن الملاحظ أن هذه التيارات والتكتلات منتشرة في العالم الإسلامي أو ما يسمى بدول العالم النامي أو الثالث على حد تعبير الغربيين أي المناطق التي تفتقد إلى تطبيق العقيدة الإسلامية المنبثق عنها نظام الإسلام، أي المناطق المستعمرة والتي اصطلت بنيران الغزو الصليبي وتسلطت عليها ولاية وإمامة الكافر الفكرية.

ونلفت النظر إلى أن سبب طرحنا الموضوع هو وجود الفكر الإصلاحي في عالمنا الإسلامي، وما له من أثر على تحقيق النهضة المبتغاة، وأود في هذه المقدمة أن أؤكد على حقيقة هامة وهي أن كثيرا من المفكرين بما فيهم تلك التيارات الإصلاحية إبان فترة انحطاط الأمة الإسلامية لم يستطيعوا بلورة المنظومة الفكرية للإسلام بمعناه الحقيقي، تلك المنظومة هي عبارة عن سلسلة من الأحكام والأفكار والمفاهيم المترابطة مع بعضها البعض، أي أخذ بعضها برقاب بعض، فلم يدركوا أن الإسلام بأحكامه الشرعية المستنبطة من الكتاب والسنة، وما أرشدا إليه من الإجماع والقياس لا يمكن تجزئتها ولا يمكن أخذ بعضها على حساب بعض. 

حدث خلط بين الشورى والديمقراطية، والحرية والمباح، والخلافة والإتوقراطية، وتعززت فكرة الفردية في المجتمع، إلى آخر ذلك من الأضاليل، فكان لها الأثر الأكبر على صياغة الفكر الإصلاحي
حدث خلط بين الشورى والديمقراطية، والحرية والمباح، والخلافة والإتوقراطية، وتعززت فكرة الفردية في المجتمع، إلى آخر ذلك من الأضاليل، فكان لها الأثر الأكبر على صياغة الفكر الإصلاحي

لم يدركوا طبيعة الفكر الإسلامي في كيفية تحقيق القيادة الفكرية على جموع الناس، وتأثروا بالغرب من حيث التقليد والانبهار بأفكارهم فأصابهم الجمود الفكري. وبالتالي التشريعي، فلم ينضبطوا بالفهم التشريعي الصحيح القائم على الأسس الصحيحة، وتم الخلط بين الشورى والديمقراطية، والحرية والمباح، والخلافة والإتوقراطية، وتعززت فكرة الفردية في المجتمع، إلى آخر ذلك من الأضاليل، فكان لها الأثر الأكبر على صياغة الفكر الإصلاحي، ناهيك عن العمل وخط السير التي تسير عليه تلك التيارات المبنية على تلك الأسس، وقبل الخوض في شبهات مفاهيم التيارات الإصلاحية سنطرح مفاهيم التيار الانقلابي الواجب اتباعه، ثم عرض المفاهيم المسيرة للفكر الإصلاحي وتبيان مدى موافقتها ومخالفتها للفكر السياسي الإسلامي الصحيح، ومن ثم عرض سيرة الرسول لتكون فيصلا وحكما بين التيارين.
 

الحزب الانقلابي المتكتل والقائم على أساس القاعدة الفكرية الصحيحة أي العقيدة الإسلامية هو الأداة الفاعلة للتغيير وتحقيق النهضة، وبدونه تنعدم النهضة الصحيحة

النهج الانقلابي:
حال واواقع الدول التي تعيشها الأمة الإسلامية حاليا لا تكاد تخفى على أحد على أنها عين واقع "الدولة القرشية" في مكة المكرمة التي كانت قبل تمكُن الإسلام في مكة وأثناء حمل الرسول للدعوة الإسلامية فيها، أي حالنا هو كحال جاهلية قريش من حيث تطبيق الإسلام كنظام حياة، ومن حيث أمان المسلمين الذاتي، من حيث الدار فهي دار كفر قطعا ولا كلام، أي أن الحكم القائم على مجموعة من القوانين والأنظمة العشوائية في رأس الأنظمة الحاكمة اليوم كانت موجودة في السابق، ولكي يتم انتقال حال الأنظمة كما انتقل وتغير حال مكة بعد أن دخلها الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم فاتحاً، لا بد لنا من معرفة كيف يتم استلام السلطة التي ما هي إلا طريقة لتنفيذ حكم الله وشرعه على الناس الذين ارتضوا لمجموعة المفاهيم والمقايس والقناعات الإسلامية أن تسير وتصرف غرائزهم وحاجاتهم العضوية.

أبرز مفاهيم النهج الانقلابي:
1) الواقع موضع التفكير لا مصدر التفكير، أي عدم الرضوخ والرضى بالأمر الواقع والعمل على تغييره جذريا.
2) اعتبار الأنظمة وما نتج عنها فاسد وباطل ومن مخلفات الاستعمار، ولابد من خلعها وقلعها وعدم التحالف معها.
3) ممارسة العمل السياسي مع الأنظمة وعدم القبول بأقل من تطبيق الفكرة الإسلامية كاملة.
4) اعتبار التحالفات السياسية مع التكتلات العلمانية وغيرها لتحقيق الأهداف المرجوة؛ انحراف عن العمل الانقلابي الإسلامي.
5) تلقي الدعم السياسي والمادي ممن يناصب المسلمين العداء أو من أدواته هو انتحار سياسي تكتلي.
6) عدم المشاركة في أي عمل سياسي تشرف عليه الأنظمة ويكون فيه مؤامرة على الأمة الإسلامية.
7) الابتعاد عن أي عمل سياسي من شأنه خدمة النظام وإطالة عمره أو تغطية عيوبه.
8) العمل الانقلابي يتركز على شقين: كسب الأمة، ومراكز الثقل والقوة، أي حشد الطاقات الفاعلة في التغيير.

الحزب الانقلابي المتكتل والقائم على أساس القاعدة الفكرية الصحيحة أي العقيدة الإسلامية هو الأداة الفاعلة للتغيير وتحقيق النهضة، وبدونه تنعدم النهضة الصحيحة، لأن من خواصه التأثير والتغيير والتطوير، والأمة أو سواد الناس وعامتهم والأوساط السياسية، بالإضافة إلى الدولة هم المتأثرين والمنفعلين بما يقوم به الحزب المبدئي من الأعمال السياسية التي من شأنها أن تؤدي إلى تسلم السلطة ووصول فكرة الحزب التي تكتل حولها مجموعة من الناس التي خرجت من صميم الأمة الإسلامية لتعمل بينها ومعها لوضع فكرتها حيز التطبيق والتنفيذ، أي إلى سدة الحكم وصنع القرار السياسي المبني على أساس الإسلام.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.