شعار قسم مدونات

وفاة شهادة بكالوريوس في غزة

blogs كتاب

حفل تخرج عظيم من الجامعة الإسلامية بغزة، وإجلال يوم عظيم وحضور مهيب، سعادة وصفها عبد الحليم أنها لا سعادة كمثلها. نقطة لنهاية حياة وبداية حياة جديدة، بابتسامة عريضة جدا لأبدأ من جديد، لدي أفكار كثيرة وقائمة أحلام طويلة لا تكفي ساعات لأتحدث حولها، اجتهدت كثيرا في حياتي الجامعية بطريقة صحيحة، ولدي خبرة صنعتها خلال حياتي الجامعية، حيث كانت حياتي الجامعية ملحمية من مواقف وأشخاص ونظريات.

انتهت الحياة الجامعية واختلف الكثير، اختفى نصف ما أملك من الأصدقاء، وأصبح لدي رهاب من حركة عقارب للساعة، وهناك شعور غريب تجاه الجامعة عندما أمر بجانبها، وكأنها الغربة، شعور بالنضج بشكل مفاجئ، وإحساس بالمسؤولية تجاه الوقت، وكأنه سباق مع الزمن، ويجب أن أبدأ.

ولكن، هنا قطاع غزة، مدينة البطالة والأزمات، حيث هناك طابور طويل من الخريجين عالقين لم يستطع أحد منهم تحقيق أدنى طموح، لنصبح أعلى معدلات بطالة في العالم، وهناك قطع وخصم رواتب في القطاع، وأيضا لا كهرباء ولا ماء لتنجز أي من الأمور، وأيضا معابر مغلقة، وهناك إشاعات دوما عن وجود حرب شرسة أخرى، وهناك الأزمة الخليجية، وحصار قطر الدولة التي تدعم المشاريع في القطاع وتساعد على فك الحصار، ومطالب بإغلاق قناة الجزيرة التي كنت دائما ما أتمنى أن أكتب وأعمل لديها، ومشاكل وأزمات أكثر.

أحاول بصعوبة أن أخبر نفسي أن هناك أمل، لكن اليأس يأكل ما تيسر له من الصبر، ممسكة بأحلامي قابضة عليها كأنها جمر

الأن لا يوجد بقطاع غزة سوى العدم، العدم الذي يلتهم حياتنا، أصبحت أحلامي جثة ترقد مقابلي، لأن الأحلام في غزة  ليست لنا، نحن لا نعلم شيئا ولا يمكن أن تكون هناك توقعات صحيحة، هناك المفاجأت دوما، كنت أظن أن في أول العمر سأعمل في شمس الظهيرة، لأنتصر على تعبي في النهاية وأحقق ما أريد، لكن الشمس لم تشرق بعد.

أحاول بصعوبة أن أخبر نفسي أن هناك أمل، لكن اليأس يأكل ما تيسر له من الصبر، ممسكة بأحلامي قابضة عليها كأنها جمر، وأحاول لفظ اليأس كما فعل الحوت مع يونس، لكن هل في الحقيقة هل من أمل؟ 

منذ أن تخرجت عبدت الله كثيرا، وتعرفت عن أشياء لم تخبرنا المدارس والجامعات به، وأنهي المسلسل بوقت قياسي بمعدل جزء كامل كل يومين، ولكن أنهيت خمس أجزاء من مسلسل prison break بأسبوع ونصف بشكل استثنائي، سمعت الكثير من الموسيقى بالساوند كلاود، وبحثت عن ما كانت تقصد أم كلثوم ومعانيها المبطنة، أتابع أخبار الساعة المملة المكررة، أسكن بتويتر ولا أترك تغريدة واحدة، استمع لعدنان إبراهيم بناء على نصيحة أحدهم لم يتمنى لي الخير يوما، أقرأ القليل من الكتب لتثير مخيلتي، يزداد وزني بشكل سريع، ولا أحب الخروج من البيت إطلاقا، إنها حياة الخرجين لا تندهش كثيرا .لكن، هل ستستمر الحياة على هذا النحو بقطاع غزة؟ أم هناك الأسوأ؟ 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.