اللغة الإخبارية المشحونة تعتقد أنها تقدم تفسيراً بمجرد التسمية، فمثلا إذا قالت إن الجهة الفلانية "إرهابية" فهي تفترض أنها قدمت دليلاً يدعم صحة افتراضها، وهذا في الأقيسة المنطقية مجرد ادعاء، كما أن لغة الأخبار المشحونة تجعل النشرة تتفلت من تقديم الأدلة أو الوثائق.
صناعة الكذب في نشرات الأخبار قد تبدو خالية التأثير، لكنها ليست كذلك، فهي تترك أثراً في نفوس المشاهدين، لأن المتلقي لا يتأثر بالحقائق بقدر ما تتركه تلك الحقائق في نفسه من انطباعات. |
هذه اللغة قد تكون مؤثرة، أو مقنعة لشريحة معينة من الناس، لكن تأثيرها لا يستمر طويلا، هو أيضاً -المتلقي- يعرف حقيقة ما يجري، وله آراؤه عن الموضوع، كما أن هذا القالب الإخباري المشحون لغويا لا يحترم العقول، ويجادل البديهيات. وبذلك بنت نشرات الأخبار المشحونة لغوياً لنفسها قالباً خاصا يقوم بالدرجة الأساس على استثارة المشاهد وليس إخباره بغرض إجباره على الاقتناع بما يسمع دون الحاجة لمصدر يدعم الخبر، أو على الأقل تحليل يثبت صحة ما يُقال.
المحطات التي تقدم نشرات الأخبار المشحونة هذه، تعتقد أنها تحقق الغرض، لكنها نشرة عبثية فحسب، ربما كانت تنفع في غير هذا العصر، وهي عاجزة كل العجز عن تلميع صورة المستبد الذي يمولها، لأنها ليست الوحيدة في الساحة، ويستطيع المشاهد "بكبسة زر" أن يعرف ما يدور، وهنا يبرز السؤال عن اللامهنية لهذا القنوات.
إن صناعة الكذب في نشرات الأخبار قد تبدو خالية التأثير، لكنها ليست كذلك، فهي تترك أثراً في نفوس المشاهدين، لأن المتلقي لا يتأثر بالحقائق بقدر ما تتركه تلك الحقائق في نفسه من انطباعات، خصوصاً عندما يتم تقديم نشرة الأخبار بطريقة أدبية يتم فيها تحرير الأخبار بلغة مشحونة مصاحبة بموسيقى عناوين الأخبار التي تُدخلك في جو خاص.
الأزمات المتلاحقة في المنطقة تجعل هذه المؤسسات تعود إلى العصر الكلاسيكي، عصر التنويم المغناطيسي، حين وُجد التلفزيون لكي يشرعن السلطة، وينمط الناس على دعاية سياسية معينة يتبناها مالك المحطة التلفزيوينة، وهذا يجعلها تتقدم إلى الوراء، باستخدام تقنياتها الحديثة، لكن المشاهد لم يعد كلاسيكيا، فلم تعد وسيلة الإعلام قادرة على تلميع الأنظمة القمعية والإقطاعية.