يا وطني، أحبك كاملا، بطبريا، وعكا، وحيفا، ويافا.. والقدس، ولا أعترف بذلك الوطن الذي خلقوه لنا عبثا لينسونا قضيتنا الأم، وسعينا الأهم.. فلتخسأ كل اتفاقيّة تحاول تحديد ما ورّثنا إيّاه الأجداد. |
أبوديس، الواد، ومخيم قلنديا، ساجي درويش، وباسل الأعرج! كلها أفكار تحدّثني يوميا ولا تنفك تخرج معي في كل حديثٍ مع الأصدقاء.. لكن الأخير (أي باسل) أصبح شبحاً يعيش بداخلي ويذكّرني بمأساتنا يوما بعد يوم. ذلك المقاوم الذي عاش مناهضا لفكرة قبول الظلم وتمييع المقاومة والثورة لتخرج عن هدفها وتضل ككلاب البراري بلا طريق، فسجنته السلطة الفلسطينية لتلاحقه قوات العدو الصهيوني فيما بعد وتدخل بيته في رام الله! فتغتاله ليستشهد وبين يديه بندقية الثورة، وكتاب! وليدفع فاتورة علمه للأرض تأكيدا على مقولته الشهيرة: "بدك تكون مثقف، لازم مثقف مشتبك.. غير هيك لا منك ولا من ثقافتك".
باسل علّمني بأن الوطن الذي يناديني الآن لا يجزّأ، وبأن اللحظة التي يعتاد فيها المقهور على قهره وظلمه، وألفة وجه جلاده، تقصم يقينه بحقّه، وتهزم إيمانه بنفسه، وتذيبه ذلاً ليحيل في كتب التاريخ منبوذا من كل جيل، وعلّمني كذلك أن أغني دائما لفلسطين وبصوتٍ عال… ودون خجل، وألا أختار إلّاها وطنا ومنفى فأحصي البلاد: فلسطينا فلسطينا! كما يقول بخيت.
يا وطني، أحبك كاملا، بطبريا، وعكا، وحيفا، ويافا.. والقدس، ولا أعترف بذلك الوطن الذي خلقوه لنا عبثا لينسونا قضيتنا الأم، وسعينا الأهم.. فلتخسأ كل اتفاقيّة تحاول تحديد ما ورّثنا إيّاه الأجداد والآباء المؤسسين لهذه الحضارة العظيمة، وكل معاهدةٍ تحاول طمس هويّةٍ تميّزنا فيها وبها عن الأمم، وكل اجتماعٍ يُحقِّر من قيم ثورتنا المجيدة.. فلتدم يا وطني حرّاً عظيما، ولتدم رايتك الخفّاقة على الأقصى والقيامة هدفنا الأسمى، وحلمنا الأجمل!
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.