شعار قسم مدونات

رفعت إسماعيل الذي نحب

blogs - ما وراء الطبيعة
أقرأ آخر لحظات حياته، ثم في الجريدة يُكتب النعي الخاص به، ومعها تدمع عينيّ حزنًا على فراقه، لو قرأت هذه الكلمات، سوف تعتقد أنّ هذه الكلمات عن شخصٍ أحبه كثيرًا، ويمثل لي في حياتي قيمة عالية جدًا. حسنًا، أنت لم تخطئ في ذلك على الإطلاق، ولا أعلم إن كانت الكلمات التالية جاءت في ذهنِك أو لا، لكن هناك معلومة أخرى، أن هذه المقدمة عن رفعت إسماعيل، شخصية البطل في قصص ما وراء الطبيعة، للكاتب أحمد خالد توفيق. أي أنني أكتب عن شخصيةٍ خيالية، لكن لمن قرأ ما وراء الطبيعة، يعرف تمامًا من هو رفعت إسماعيل لنا نحن القراء.
رفعت إسماعيل الذي نحبه، هو ذلك البطل الأصلع الذي لا يتميز بأي شيءٍ على الإطلاق، نحيف كالقلم الرصاص كما يصف ذاته، ولا يملك أي مهاراتِ خارقة، ربما سوى سوء الحظ الذي يدفع به ناحية المصائب دائمًا.. رفعت إسماعيل ببساطة لم يكن من هؤلاء الأبطال الذين يتمتعون بأشياءٍ خارقة، ويحبهم الناس لإمكاناتهم أو أفعالهم ناحية البشرية. تلك الصورة التي ربما ارتبطت في أذهان الجميع دائمًا بالبطل، لا سيّما من قرأ ما وراء الطبيعة في نفس الوقت الذي انتشرت قصص ملف المستقبل ورجل المستحيل.

عندما يأتي الثامن من أغسطس، أجدني أتذكر رفعت كواحدٍ من الأموات الحقيقيين، وأتذكر كل شيءٍ عنه وعن قصصه. لأنه ببساطة يعيش في قلوبنا.

رفعت إسماعيل الذي ارتبطنا به في الحكايات، ربما أكثر من الكاتب نفسه، مع حبي الشديد لدكتور أحمد خالد توفيق كونه أحد المؤثرين في حياتي الشخصية. حتى إنّ الدكتور أحمد أدرك ذلك بنفسه، وبعد وفاة رفعت إسماعيل نجده -دكتور أحمد- يظهر ليأخذ من ماجي، رفيقة رفعت إسماعيل التي أحبها طوال حياته، بعض القصص التي لم يحكها رفعت بعد، حتى يمكنه أن يقصها علينا لاحقًا، في مشهد يؤكد كيف أنّ الارتباط بيننا وبين رفعت إسماعيل كان ولا يزال ارتباطًا وثيقًا جدًا.

رفعت إسماعيل هو كل واحدِ منّا، في استخدامه السخرية في المواقف المختلفة التي يمر بها، والنحس الذي تشعر أنّك لا بد وعانيت من مثلِه في رحلة حياتك. ربما جعلنا رفعت إسماعيل نقتنع أننا أبطال قصصنا الخاصة، وأننا لا نحتاج إلى قدراتٍ خاصة لنصبح كذلك، فقط هي الأحداث وتعاملنا معها هو ما يصنع منّا أبطالًا لقصصنا، أو إن كنّا سوف نصبح مشاركين في قصص غيرنا من الأبطال.

رفعت إسماعيل الذي نحب، هو الذي منحنا قصصًا عظيمة لنستمتع بها، وكذلك منحنا قيمًا كثيرة لنحيا بها، تراث من الذكريات خلّفه من بعد وفاته. حتى إنني عندما يأتي موعد الذكرى السنوية، الثامن من أغسطس، أجدني أتذكره كواحدٍ من الأموات الحقيقيين، وأتذكر كل شيءٍ عنه وعن قصصه. لأنه ببساطة، مات في قصص الدكتور أحمد، لكنّه عاش في قلوب العديد من الشباب الذين أحبوا هذه القصص. فإليك صديقي العزيز رفعت إسماعيل في قبرِك، أرسل لك كل الحب، شكرًا لك.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان