شعار قسم مدونات

ذاكر نايك الدعوة على بصيرة وسلامة المنهج

blogs ذاكر نايك

إزاء تطور شقين من العمل الدعوي هما العصرنة والأنسنة، نجد الداعية الهندي ذاكر عبد الكريم نائيك يجترح لنفسه تركيبة حداثية حيال ما سبق بمزيج من الأصالة والمعاصرة مع المحافظة على الثوابت، وإذا علمنا أنه التلميذ الذي لم يأت فقط استنساخاً لأستاذه بل تفوق عليه، أدركنا مواطن نبوغ الرجل، وهذا بشهادة أستاذه الدكتور أحمد ديدات نفسه القائل: ما أنجزته في أربعين سنة، أنجزه ذاكر في أربع سنوات!

لا يغيب عن بالي مشهد رؤية والدتي منذ ثلاثين عاماً تواظب على استماع درس الداعية على الطنطاوي عصر كل يوم عبر موجات إذاعة نداء الإسلام من مكة المكرمة، وهنا تظهر كلمة السر في فك الأحجية ومفادها اللغة ووحدها اللغة حين تأتي إرهاصاً أو لنقل مفتاحاً للفعل الدعوي ولك في نهج الداعية محمد راتب النابلسي ومن قبله محمد متولي الشعراوي وآخرون كثر خير مثال على ما نقول.

صدمت مؤخراً بإغلاق مصلى التجمعات الصناعية المخصص للجالية البنغلادشية والذي يؤمه المئات منهم، بدعوى أن صاحب المبنى تم حجز أمواله بفعل إجراءات بنكية سيادية، والأكثر إزعاجاً من ذلك ما حصل قبيل سنوات حين تم إغلاق قناة دينية دعوية اسمها Discover Islam تتناسب تماماً مع معاناة الجاليات الإسلامية في أصقاع العالم، ومع طروحات الدكتور ذاكر، فما أن ظهرت مطلع آذار عام 2012 حتى تم إغلاقها بحجة عدم دفعها لالتزاماتها المالية للقمر المصري نيل سات، واختفى شعارها آنذاك: اكتشف الإسلام دليل الحقيقة بكل اللغات.

يحمل الرجل اعتدالية ووسطية مع تفننه في الحوار والمناظرة وحسن المناقشة مع الخصوم دون تحجيم أو استعداء، موظفاً تفوقه في الرياضيات بحيث ترى شمولية الجواب والبعد عن شخصنة الخطاب

برئاسته لمؤسسة البحث الإسلامي في الهند، وبكل ما لديه من كاريزما فإنه يوجد لنفسه حيزاً من بين المئة الكبار الأكثر تأثيراً ونفوذاً في مجتمعاتهم في دولة كالهند يتجاوز سكانها المليار ومئتين وسبعين مليوناً، ناهيك عن حسن توظيفه لقناته Peace TV الفضائية الإعلامية من مومباي.

ترى ما هي مواطن النبوغ لدى الرجل؟
يتقن الدكتور ذاكر الأوردية و الإنجليزية متبحراً في علم اللاهوت، مبدعاً في مجال مقارنة الأديان، حافظاً بقدرات خارقة السور والآيات والصفحات في القرآن الكريم ونصوص العهدين القديم والجديد وكتب الهندوس والبوذيين، مع قراءات ثقافية موسوعية متنوعة ولباقة وتهذباً دبلوماسيين قل نظيرهما، ويرفد كل ما سبق ارتحال وكثرة أسفار حول العالم مما انعكس على لغة الرجل وأسلوبه الرصين .

أما منهجيته فهو ليس من فئة أدعياء الدعوة ونشاهدهم في محيطنا العربي كيف يتكالبون على الشقيقة قطر، هؤلاء هم دعاة السلاطين، الدعاة على أبواب جهنم، وقد ذكرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لحذيفة بن اليمان فقال: "يكون دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها، قلت يا رسول الله صفهم لنا، قال هم: من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، قلت فما تأمرني إن أدركني ذلك، قال فالزم جماعة المسلمين وإمامهم، فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت، وأنت كذلك".

يحمل الرجل اعتدالية ووسطية مع تفننه في الحوار والمناظرة وحسن المناقشة مع الخصوم دون تحجيم أو استعداء، موظفاً تفوقه في الرياضيات بحيث ترى شمولية الجواب والبعد عن شخصنة الخطاب، وتفوقه في إلقاء المحاضرات المعززة بالحجة والبرهان والشروحات والتوضيحات المنصبة على المفهوم الصحيح للإسلام، وإبداعه في توظيف التكنولوجيا ومواقع الأنترنت وقنوات اليوتيوب والبث المستمر عبر وسائل التواصل المباشرة في المجال الدعوي؛ ولذا فليس من المستغرب أنه نال جائزة الملك فيصل للدعوة عام 2015.

من صفاته: شدة الحرص على نشر الدعوة وذلك من خلال مواصلة تقديم المحاضرات التي يحضرها في الأغلب الأعم ألوفاً من الحضور وكثيراً ما وصلت أعدادهم لمئة ألف في موقع المحاضرة أما في الأنترنت والتلفاز فقد وصل عدد المتابعين إلى ستة ملايين

ولد الدكتور في مدينة مومباي عام 1965 وفي العام 1997 وجد نفسه ملزماً بترك مهنة الطب والتفرغ التام للدعوة، فكان أن أبدع في عرض مواضيع شائكة تعدد الزوجات والحجاب وحرمة لحم الخنزير وجدلية الكافر والمسلم والتطرق لضوابط اللباس وكثير من القضايا الخلافية التي يثار حولها ضجيج كبير في الغرب كالأقانيم الثلاثة والتفريق بين الأصولي والمتشدد والإرهابي والمتطرف بعيد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، و من أشهر مناظراته تلك المعنونة بالقرآن الكريم والإنجيل في ضوء العلم وكانت مع عالم الأحياء وليم كامبل في شيكاغو في أمريكيا، ومن أهم مؤلفاته: الأسئلة الشائعة لغير المسلمين حول الأديان.

من صفاته: شدة الحرص على نشر الدعوة وذلك من خلال مواصلة تقديم المحاضرات التي يحضرها في الأغلب الأعم ألوفاً من الحضور وكثيراً ما وصلت أعدادهم لمئة ألف في موقع المحاضرة أما في الأنترنت والتلفاز فقد وصل عدد المتابعين إلى ستة ملايين، وهذه النسبة منخفضة جداً كما قال ذات مرة وتعادل حوالي 1 في المئة من سكان العالم، ومن أقواله " ليس من الممكن أن يكون المسلم مسلماً جيداً إلا إذا كان إنسانياً " وقال أيضاً " لقد درست أغلب الأديان الرئيسة، وأنا أعتقد أن الإسلام أكثرها منطقية وأفضلها للإنسانية".

 

صدرت بحقه مذكرة اعتقال في 13 مايو عام 2017 بتهمة غسيل الأموال والإرهاب، وجاءت بعد مسيرة من الكيد بدأت في نيسان بمحاولة إيقافه عن العمل، ثم بكيل الاتهامات له، ونستغرب في هذا السياق سرعة قبول الأنتربول لهكذا تلفيقات كيدية دون التدقيق في سيرة الدكتور ذاكر، ولعلنا نستذكر كيف أن دولة الكويت تقدمت للأنتربول بطلب لتسليم الكويتي ياسر الحبيب المقيم في لندن، ولكن تم رفض الطلب، بخلاف ما حصل مع الدكتور ذاكر!

يجب توظيف اللغة الإنجليزية بصورة ذكية لخدمة الدعوة، وكذا الحال مع المنطق والفصاحة، ولذا نحتاج في حالة الدعوة على بصيرة إلى مواكبة العصر والمرونة وإنشاء قنوات ومعاهد دعوية متخصصة وتوسيع نطاق العمل ومؤازرته مالياً

في استعراضنا لأبرز الدعاة في عالم اليوم ومنهم من تتفق معه ومنهم من لا تتفق معه، نجد الداعية القطري الكبير من أصول مصرية يوسف القرضاوي والأمريكي يوسف أستس والألماني صلاح الدين بيرفوجل والكويتي محمد العوضي والمصري زغلول النجار ومحمد متولي الشعراوي وعمرو خالد وعمر عبد الكافي ووجدي غنيم وأبو اسحاق الحويني ومحمد حسان ومحمد حسين يعقوب وعبد الحميد كشك والسعودي محمد العريفي وأحمد الشقيري وعائض القرني وأبو عتيك وخالد الراشد وسلمان العودة وسعد البريك والكويتي عبد الرحمن السميط والأردني أحمد نوفل و الباكستاني أنجم تشودري والسوداني محمود البشير.

ومن التوصيات توظيف اللغة الإنجليزية بصورة ذكية لخدمة الدعوة، وكذا الحال مع المنطق والفصاحة، ولذا نحتاج في حالة الدعوة على بصيرة إلى مواكبة العصر والمرونة وإنشاء قنوات ومعاهد دعوية متخصصة وتوسيع نطاق العمل ومؤازرته مالياً، وقد شاهدنا كيف أن الدكتور ذاكر وجه ابنه فاروق لتعلم العربية فأصبح الابن ذو الخمسة والعشرين عاماً يتقن العربية والإنجليزية بالإضافة إلى لغته الأم، أما تفعيل القنوات الفضائية في خدمة اللغة العربية وفي سبيل الدعوة، فتلك قصة أخرى لها حديث فيما بعد.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.