شعار قسم مدونات

وإذا اختلفتم فاعدلوا

blogs الاختلاف

طبيعتنا كبشر أننا معرضون للخطأ والتقصير إما عن قصد أو بغير قصد، ومن هنا تأتي أهمية النقد، فهو صفة إنسانية نبيلة وخلق إسلامي قويم، يصون الفرد من الزيغ والشذوذ، ويحفظ المجتمع من السقوط والهلاك، فبدون النقد لا يمكن لفرد أن تتحقق أهدافه ولالجماعة أن تكتشف مكامن الخلل عندها ومواضع التقصير، لتعمل على تلافيها وتسعى جاهدة لمعالجتها.

والنقد لا يكون مثمرا إلا إذا كان إيجابيا يراد من خلاله الإصلاح لا الإفساد، وهذه بعض الوقفات والدروس التي تعلمتها من معركة الحياة، وخاصة في الجانب الفكري في كيفية التعامل مع المخالف مع الأخذ في الاعتبار حرية الشخص وحقه في التعبير عن رأيه غير المسيء للآخرين ومن دون تشهير ولا تكفير لمخالفه ؛ لكن قبل ذلك لابد أن نفرق بين الحق القانوني والحق المعياري، فكون الحق قانونيا لا يعني صحته معياريا ومن هنا جاء الفرق بين حق التدين ومباركة الكفر فاعتراف الإسلام بحق الفرد في التدين لا يعني مباركته للكفر.

ومن ذلك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أوجب الواجبات وأهم المهمات وأجل القربات، والأوجب والأهم والأجل منهما الأمر بالمعروف بحكمة والنهي عن المنكر بحب ورحمة، لأننا خلقنا لدعوة الناس إلى دين الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة لا لإخراجهم من دينهم بالاستعجال في الحكم عليهم أو بتصويب مخالفاتهم، فالاستعجال آفة بشرية ، والتسرع في الحكم انتصار للذات أكثر من كونه انتصار للقيم والمبادئ.

أعتقد أن نقاط الاختلاف أحيانا أقل مما نتصور، لكن الاستعجال في الحكم بلا حكمة، والإسراع في الرد بلا روية يؤديان في الغالب إلى نتيجة عكسية

وعند الرد لا ينبغي أن يكون القصد من الرد والرد المضاد الرد نفسه أو الإثارة أو التشفي، فالكثير محب للإسلام ومحب لتعاليمه، والكل بشر وبالتالي قد يصيب وقد يخطئ فالصواب يحمد والخطأ يصحح، بعيدا عن الحكم على النوايا لأنه معيب ولا يمكن أن تتحقق معه ثمرة النصيحة.

وليعلم بأن تعاليم الإسلام الصحيحة للالتزام والتسليم والاستسلام، والمخالف ينصح بأدب ويوعظ بحكمة، ومالم يكن قطعيا وكان من مسائل الخلاف المعتبر فلا إنكار في ذلك، فقد يكون الراجح في نظرك مرجوحا عند غيرك والعكس، وليس المطلوب أن تبين أو تنصح أو توجه أو تحاور بل المطلوب البيان المخلق والنصح الحسن والتوجيه المؤدب والحوار البناء.

أعتقد أن نقاط الاختلاف أحيانا أقل مما نتصور، لكن الاستعجال في الحكم بلا حكمة، والإسراع في الرد بلا روية يؤديان في الغالب إلى نتيجة عكسية، ومن هنا تأتي ضرورة العمل في إطار المتفق عليه، فليس معنى النقد ترك العمل فالنقد لا يغني عن العمل وإلا كان عبثا وترفا، وعند النقد يجب نقد الرأي بغض النظر عن الشخص وعن دينه وجنسه ولونه وعرقه ومذهبه، والاختلاف في مسائل الخلاف لا يعني اختلاف القلوب.

ضرورة الإنصاف والاعتذار للمخالف حتى لا نقع ضحايا للتفريط والإفراط من باب وإذا اختلفتم فاعدلوا.ورحم الله من قال: (ألا يصح أن نختلف ونبقى إخوانا).

الاحترام مطلوب ومعرفة الفضل لأهله فضيلة، ولا يعني هذا عصمتهم أو قداستهم فهم بشر الدفاع عنهم واجب ونصحهم أوجب ولا تعارض، وليس هناك شخص أكبر من أن يُنقد، وليس هناك شخص أصغر من أن يَنقد ، مع الأخذ في الاعتبار أهمية الإنصاف واحتمال العذر للمخالف، فالناس يتمرحلون وما يتوصل إليه الإنسان اليوم من رأي قد يعدل عنه غدا والعكس، ولا تكن ممن إذا رضي عن شخص بالغ في مدحه حد التقديس، وإذا غضب من شخص بالغ في ذمه حد الشيطنة، وكن منصفا في الغضب والرضى.

للناس حريتهم الكاملة والأصل في الحرية الإطلاق والتقييد استثناء ومالم نفرق كما أسلفت بين الحق بالمعنى القانوني والحق بالمعنى المعياري سنقع ضحية للإفراط أو التفريط، ولا تكن من دعاة الحرية قولا ورافضيها فعلا، فالفرق كبير بين الحقيقة والواقع.

وأخيرا هذه بعض الوقفات في أدب الخلاف، وضرورة الإنصاف والاعتذار للمخالف حتى لا نقع ضحايا للتفريط والإفراط من باب وإذا اختلفتم فاعدلوا.ورحم الله من قال: (ألا يصح أن نختلف ونبقى إخوانا).

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان