من عوامل قوة الإسلاميين؛ الصبر على تحمل المكاره، وهذه صفة يتمتع بها أفراد التيار الإسلامي بشكل عام، فقلما نجد منهم من يجزع وقت المحن، وقليلون جدا هم من يتراجعون عن أفكارهم ومعتقداتهم. |
لدى الإسلاميين منذ نشأتهم عدة عوامل تساعدهم في التغلب على هذه المحن، ولديهم نقاط قوة ربما ليست موجودة لدى غيرهم من التنظيمات الليبرالية واليسارية تجعلهم في مصاف القوى المنظمة التي يسهل إعادة تنظيمها مرة أخرى في أوقات وجيزة بمجرد أن تتيح الظروف المجتمعية ذلك، بخلاف غيرهم الذين يحتاجون إلى وقت طويل لينتجوا تنظيمات ضعيفة وغير مترابطة، إلا أن لدى الإسلاميين أيضا مواطن ضعف يؤتون من قبلها كل مرة، ولا نجدهم يتعلمون من أخطائهم السابقة بل يكررونها في كل مرة، وكأنهم لا يعتبرون بما لحق بهم سابقا، وفيما يلي نحاول توضيح نقاط القوة ومواطن الضعف:
نقاط القوة:
ثانيا: رباط الأخوة، وهو رباط مقدس لدى أفراد هذه التنظيمات، مقدم على رباط الأخوة والقرابة بالدم، وهو مستنبط من رباط الإخاء بين المهاجرين وبعضهم، وبين المهاجرين والأنصار، الذي عقده الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بعد هجرته إلى المدينة المنورة، وبموجب هذا الرباط فإن الأخ يقف بجانب أخيه في السراء والضراء، فالمسلمون إخوة يسعى بذمتهم أدناهم.
ثالثا: العمل بأقل الإمكانات، فهم لا يحتاجون ميزانية كبيرة في عملهم، لأن كل منهم يقدم جهده دون مقابل، ونتيجة التنوع الموجود في الوظائف والأعمال فلديهم كل ما يحتاجون إليه من كل الأعمال، بخلاف أشياء بسيطة لا تحتاج إلى كثير نفقة.
خامسا: الصبر والمثابرة على تحمل المكاره، وهذه صفة يتمتع بها أفراد التيار الإسلامي بشكل عام، فقلما نجد منهم من يجزع وقت المحن، وقليلون جدا هم من يتراجعون عن أفكارهم ومعتقداتهم في ظل تعذيب بدني ونفسي رهيب وحصار شديد وفصل من الوظائف والأعمال، ومطاردات شديدة وتضييق شديد على الأعمال والمشروعات الخاصة بعيدا عن وظائف الحكومة.
من نقاط ضعف الإسلاميين، عدم تقديم زعامة جماهيرية تستطيع أن تجمع الناس حولها، وتستطيع اتخاذ القرارات الحاسمة، وقرارات لم الشمل والمصالحة المجتمعية. |
مواطن الضعف:
أولا: التوفيق بين الإصلاح والثورة، والميل إلى إصلاح المؤسسات القائمة وليس هدمها وإنشاء مؤسسات جديدة تقوم على النهوض بالأمة، فنجدهم يتحدثون عن الثورة بينما يمارسون الإصلاح في مؤسسات من المستحيل إصلاحها، لأنها تقوم على الفساد والإفساد في الأرض، فهل يعقل أن يطبق أبو جهل وأبو لهب منهج محمد صلى الله عليه وسلم، وهل يعقل أن يعبد المسلمون دين قريش يوما، وتعبد قريش دين محمد يوما، الأمر يحتاج إلى ثورة شاملة على كل الأوثان والأصنام التي ورثتها الأمة، بل وتحطيمها أولا حتى لا يكون لها سلطة أو حظ في نفوس الشعوب، وحتى يعبد الله وحده لا شريك له في الأرض.
ثانيا: ضعف وسائل الإعلام، فلدى الإسلاميين بخل شديد في إنفاق الأموال على تأسيس الفضائيات والصحف والمواقع الإلكترونية وغيرها، ربما يرجع إلى ضعف الموارد، رغم أن الأطراف المناوئة تنفق المليارات على وسائل الإعلام لتشويه صورة الإسلام والإسلاميين، فنجد أن الإسلاميين لا يتجهون لتأسيس وسائل إعلام حديثة تقدم الخبر الصادق وتعمل بمهنية عالية لتقديم الصورة الصحيحة وتتصدى لهذه المغالطات التي تتعلق بأذهان الناس من كثرة التكرار والمثابرة على نشرها، وهذا ثغر لو تعلمون عظيم، يحتاج إلى من يقف فيه مدافعا ومهاجما لمعاقل الفساد والإفساد في أذهان وعقول أبناء الأمة، وقد نجح الانقلابيون في تأسيس فضائيات وصحف من الباطن والسيطرة على مجمل وسائل الإعلام لتغيير الواقع وامتطاء الرأي العام قبل أن يتخذوا أي خطوة عسكرية على الأرض وبعدها.
ثالثا: البيروقراطية والتأخر في اتخاذ القرار في الوقت المناسب، وهذه آفة عظيمة نتج عنها الكثير من المحن، وتأتي نتيجة كثرة المسؤولين والمكاتب الإدارية التي يفترض الرجوع إليها لاتخاذ قرار ما، في وقت من الصعب أن تجتمع هذه المكاتب وهؤلاء المسؤولين نتيجة المضايقات الأمنية والاعتقالات المتكررة.
رابعا: ضعف التنسيق الخارجي والتعاون مع الدول المحايدة أو الصديقة، والاستفادة من المتناقضات الدولية، فالأمر الطبيعي في العلاقات بين الدول أن هناك تناقضات بين مصالح هذه الدول، وتحالفات متناقضة يسعى كل منها إلى تحجيم التحالفات المضادة، وهناك مؤسسات دولية وإقليمية يمكن الاستفادة منها في مناصرة المظلومين في الأرض بغض النظر عن الدين أو الجنس أو اللغة، فمثلا هناك الاتحاد الأفريقي ومنظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان التابع لها، وهناك منظمات أوروبية وأميركية وغيرها.
خامسا: عدم تقديم زعامة جماهيرية تستطيع أن تجمع الناس حولها، وتستطيع اتخاذ القرارات الحاسمة في الوقت الذي تحتاج إلى الحسم، وقرارات لم الشمل والمصالحة المجتمعية، فالسياسة فن الممكن وليس المستحيل، والزعامة الجماهيرية تستطيع الخروج من المحن بأقل الخسائر الممكنة، وليس تقديم الأفراد ليحرقوا في أخدود الجنرالات دون مساندة مجتمعية أو دولية.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.