شعار قسم مدونات

الحرب الأهلية والرئيس الهندي الجديد

blogs - الرئيس الهندي

"الحرب الأهلية هي الحل للخلافات بين المسلمين والهنودسيين في الهند". هذا ما غرّده (رام ناث كوفيند) على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" نقلا عن مفكر متطرف هندوسي قبل، تم اختياره كمرشح للرئاسة الهندية بحزب (بهارتية جانتا الهنودسي) القومي الحاكم في الهند. اليوم (الثلاثاء) يتولى منصب رئيس الهند الجديد.

(رام ناث كوفيند) ينتمي لحزب (بهارتيه جانتا الهنودسي القومي)، وهو أيضا عضو منظمة (آر ايس ايس) أي منظمة التطوع الوطنية. إن (آر ايس ايس) منظمة شبه عسكرية هندوسية تورطت في كثير من الاضطرابات الطائفية وأحداث العنف والقتل ضد المسلمين في جميع أنحاء الهند. وتعتبر مظلة لمعظم الجماعات الهندوسية، حيث ثبتت ضلوع بعضها في العمليات الإرهابية ضد الأقليات الدينية خاصة المسلمين والمسيحيين. حزب (بهارتيه جانتا) عضو سياسي لهذه المنظمة.

قبل انتخابه كرئيس للبلد كان كوفيند حاكم إقليم بيهار الذي تم تعيينه بحكومة (ناريندار مودي). في الهند منصب الرئيس ليس له سلطة مطلقة. هذا على العكس من كثير من البلدان. لكن في الطوارئ يمكن له أن يمارس صلاحيته بطريقة ديمقراطية في الهند. وينتخبه المشرّعين الذين عددهم بضع آلاف. تاريخ الرئاسة في الهند تاريخ غريب. عندما كان (غياني ذيل سينغ) رئيسا للهند كان يقول بأنه مستعد لأخذ المكنسة وتنظيف الأرض إذا طلبت منه (ايندرا غاندي) رئيسة الوزراء الهندية آنذاك؛ لأنه كان يعتبرها زعيمة له. قبل ذلك كان (فخر الدين على أحمد) رئيسا للهند. وقع على قرار (ايندرا غاندي) لفرض الطوارئ وتعليق دستور الهند. وذلك دون أن يرجع لها في هذا القرار المهم الذي هدد ديمقراطية الهند.

حزب (بهارتيه جانتا) أخيرا أعلن اسم (وانكيا نائيدو) كمرشح له لمنصب نائب رئيس البلد، والذي أيضا يُتوقع أن يفوز؛ لأغلبية هذا الحزب وحلفائه بين المشرعين

(كوفيند) الذي عمره 71 من مواليد إقليم اترابرديش الشمالي. هو من طبقة "داليت" المتدنية الهندوسية، أي المنبوذين الذين منهم موالين مع المتطرفين الهندوسيين. تم انتخابه أثناء ظهور الهجمات لقتل المسلمين بجماعات هندوسية في كثير من أقاليم الهند، حتى في دلهي العاصمة. هذه الهجمات قد أسفرت عن مقتل خمسين مسلما تقريبا في غضون ثلاث سنوات. بعض القتلى كانوا من طبقة "داليت" أو المنبوذين. مع ذلك تكتم الحزب الحاكم على هذه الاحداث. جاء تصريح رئيس الوزراء الهندي (ناريندر مودي) مناشدا للتجنب من مثل هذه الأعمال لأن (المهاتما غاندي) لم يكن معجبا بمثل هذه العمليات. على الرغم من ذلك تتواصل الهجمات، وأصبحت فيديوهاتها تبث على المواقع التواصل الاجتماعي.

يعتبر بعض المعلقين السياسيين أن تتويج (رام ناث كوفيند) كرئيس الهند خطوة أخرى للقوميين الهندوسيين إلى الأمام بعد تولي (ناريندار مودي) منصب رئيس الوزراء الهندي في سنة 2014، وانتخاب (يوغي آديت ناث) ككبير الوزراء في إقليم (اترابراديش). (نارايندار مودي) متهم بضلوعه في الاضطرابات الطائفية في إقليم غوجرات في 2002، التي قتلت ثلاثة آلاف شخصا معظمهم مسلمين. (يوغي آديت ناث) أيضا يُعتبر هندوسيا متطرفا؛ لتصريحاته التي ناشد فيها بالعنف وقتل المسلمين. لحزب هؤلاء الزعماء حكومة في عدة أقاليم أخرى في الهند، منها: (مادهيا براديش) و(راجستهان) و(جهارخاند).

إن حزب (بهارتيه جانتا) أخيرا أعلن اسم (وانكيا نائيدو) كمرشح له لمنصب نائب رئيس البلد، والذي أيضا يُتوقع أن يفوز؛ لأغلبية هذا الحزب وحلفائه بين المشرعين. معه يكمل سيطرة القوميين الهندوسيين على السلطة في الهند. وفي هذا الصدد، فإن البعض قلق حيال مستقبل الهوية الديموقراطية والعلمانية للدستور الهندي.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.