تخر قوانا، نضعف، نكتئب، ونستغرب كيف للآخرين أن يروا فينا قوة خفية وجبروتا من أمل، لا نراه نحن في أنفسنا وننهض من على السرير متمسكين بقشة سعادة وحفنة حياة ونرمي دواء الاكتئاب في أقرب سلة للمهملات. |
القهوة أخبرنا عنها مريد البرغوثي في كون لذتها تكمن في أن يقدمها لك شخص آخر، هي كالورد، وإن قدمتها لنفسك فأكيد أن أناك في عزلة بلا عاشق أو عزيز. فعلا فقد يكون هذا هو السبب، فأنا في عزلة لمدة طويلة، لكني كلما خرجت إلى السوق أشتري زوجين من الفناجين على أمل أن يأتي زائر غريب، مرت عشرون سنة ولم يأت أحد. ولا أزال لحد اللحظة أشرب الشاي المنسم بالأعشاب الصحراوية دون نعناع، وأشير للقهوة من بعيد وأرثيها بعنفوان كلما سمعت درويش وأعتذر له بأسف.
ولأن لا حب إلا للموسيقى وكأس الشاي وصحن من الأرز بالحليب، لا أدري لماذا الفيروزيات لا تغريني، يقولون عنها معجزة، ومع كامل احترامي لقدسية مكانتها لدى كثيرين هي لا تطربني، لكنها أبكتني عندما مر الثلج عشرين مرة وكبر الجميع باستثناء شادي، وأيضا عندما كانت على نيتها واعتقدت أن حبيبها خارج البلاد واكتشفت أنه أصبح لديه أولاد.
نشعر في أحايين كثيرة أننا لامنتمون، مجرد أشخاص مركونين إلى الجانب كشيء، تخر قوانا، نضعف، نكتئب، ونستغرب كيف للآخرين أن يروا فينا قوة خفية وجبروتا من أمل، لا نراه نحن في أنفسنا وننهض من على السرير متمسكين بقشة سعادة وحفنة حياة ونرمي دواء الاكتئاب في أقرب سلة للمهملات. كمشة من الورد يا صديقي كافية بتعديل مزاج أي شخص فينا، صورنا لا تعني أبدا أننا بخير لأننا نبتسم للكاميرا دائما حتى وإن كان البرص تفشى في سائر جنبات الجسد.
إذا سألتني كيف الحال وأجبتك بخير، اسألني مرة ثانية فقد لا أكون كذلك. لا داعي بأن نظهر للآخرين أننا نملك جينات متشابهة بيننا وكبار الشخصيات في المجتمع، لأننا أبدا لسنا صغارا بالرغم من أننا نحب الشاي والأرز بالحليب وسماعة الأذن اليسرى بها عطب. ليس بالضرورة أن تعشق القهوة لكي تكون كاتبا، ولا أن تستمع إلى فيروز لتكون عاشقا. ضع لك ممرا خاصا بك يقودك إلى ركنك المنسي الذي تعرفه وحدك، ممر أبدا لا يصلح للراجلين.