شعار قسم مدونات

ذخيرتنا مليئة يا قدس

مدونات - القدس

لا أستطيع أبدا أن أعيش بهذه الطريقة المتوترة، فذهني شارد على مدار الساعة لا يعود، والتركيز غائب حتى في أدق التفاصيل، أقول لمن حولي: "نعم" عندما يسألوني عن أمر ما، وبعد برهة أدرك أن الإجابة "لا" وهكذا ..القدس حبيبتي والمسجد الأقصى قرة عيني والقبة الصفراء مهجة قلبي والمسجد القبلي فؤادي الذي ينفطر، لا تغيب القدس العروس بتفاصيلها عن بالي وخاطري ولو للحظة واحدة.

كيف لي أن أعيش مستقرا وأقصانا يأخذه بعيدا هذا الاحتلال اليهودي الشرير، يستفرد به بإجراءاته العدمية التي تخنقه كل يوم حتى يقترب من الموت، بينما الرؤساء والزعماء والملوك والأمراء ومن يسيرون على دربهم -وحتى شيوخ السلاطين- لا يفكّرون إلا في كروشهم ولا يتحدثون إلا في الحيض والنفاس وسنن قضاء الحاجة فقط، أما هموم الأمة وجراحها فبعيدة عن أذهانهم وخطبهم للأسف الشديد!

مضت سنوات طويلة والاحتلال الصهيوني يمارس فواحشه في المقدسات الإسلامية بالقدس الحزينة، تستغيث ولا تكاد تُغاث، فالعُرْب منغمسون في التخطيط لانقلابات هنا وتخريب هناك وقلقلة بين هنا وهناك، لا ينظرون إلا تحت أقدامهم وإلى فروجهم، فاستُبدلت الشهامة بالخذلان والرجولة بالدياثة والمقاومة بالتطبيع والتدجين!

مهما بلغ الظالم مداه إلا أن ظلمه سيزول حتما، إنها عقيدة راسخة وآية من قرآننا الكريم، ولا يمكن أن تتزعزع أو تتزحزح هذه القناعات في نفوس الأحرار الأبطال.

مضت سنوات طويلة ونحن ننتظر ذلك القائد الملهم الذي سيحطّم قيود القدس العتيقة ويحرر المسجد الأقصى المكبل، لكننا على يقين أن انتظارنا لن يدوم طويلا على ما يبدو، فالأمل منعقد ليس على أصحاب الفخامات والسيادات والحضرات ولا على أصحاب العمائم والشماغات -كونهم لا ينظرون إلا أمامهم بحدود طرفي الشماغ يمينا ويسارا فقط- بل إن الأمل منعقد على رجال الليل الذين لا ينامون تخطيطا وإعدادا وطاعة وعطاءً، الأمل منعقد على المقاومين الأبطال الذين يحملون أرواحهم على أكفهم ويتوسدون بأكفانهم ينتظرون ساعة الهجوم والخلاص.

الحق يقال؛ لو أن رجولة القادة العرب والمسلمين وملوكهم ظاهرة في أفعالهم وأقوالهم لما وصلت وقاحة المحتل الصهيوني وغطرسته إلى هذا الحد من القذارة والاستفراد والاستشراس، ولكن عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم!

ذخيرتنا مليئة بالأبطال القادمين إلى القدس، ذخيرتنا مليئة بفلسطينيي الداخل الأبطال الذين يمثلون الشوكة في حلق الاحتلال، ذخيرتنا مليئة بفلسطينيي الضفة الأبية وغزة العتيدة الذين تنحفر محبة القدس والأقصى على جدران قلوبهم، ذخيرتنا مليئة بفلسطينيي الشتات الأماجد الذين ينتشرون في مشارق الأرض ومغاربها ينتظرون شارة العودة والتحرير، ذخيرتنا مليئة بالأحرار المحروقة قلوبهم شوقا لفلسطين الطاهرة العفيفة، وبطبيعة الحال نستثني من ذلك العملاء والمُنسّقين والمُطبّعين والمنبطحين والمفاوضين الذين باعوا شرفهم على أعتاب الرواتب في آخر كل شهر!

مهما بلغ الظالم مداه إلا أن ظلمه سيزول حتما، إنها عقيدة راسخة وآية من قرآننا الكريم، ولا يمكن أن تتزعزع أو تتزحزح هذه القناعات في نفوس الأحرار الأبطال.

إننا فعلا نحتاج إلى التخلص من كل معاني الانهزام وخلع عباءة الجاهلية والاستعباد، لقد آن أوان التمرّد على هذا الاحتلال الصهيوني، واقتربت الساعة الفارقة التي تنكسر فيها قيود القدس والأقصى. فهبوا أيها الأبطال كل في مكانه وموقعه نصرة للأقصى والقدس، انتفضوا بكل ما أوتيتم من قوة فمن كفيكم ينهمر النصر والتحرير ولا نامت أعين الجبناء.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.