هل قصفُ تل أبيب يُفيد الأقصى؟

blogs - المقاومة الفلسطينية تقصف بأسحلتها
لو أردنا تقسيم مراحل النضال الفلسطيني منذ النكبة إلى يومنا هذا بطبيعته الجغرافية فسنجد مرحلتين، الأولى خارجية منذ النكبة إلى الانتفاضة الأولى، فكانت أغلب العمليات ضد الاحتلال تنطلق من خارج فلسطين لداخلها أو استهداف الاحتلال خارجيا كخطف الطائرات، وبكل حال من الأحوال إدارة وزخم الكفاح كانت خارجية. والمرحلة الثانية "داخل فلسطين".

– أولا: الانتفاضات الثلاث:
– ثوابت الانتفاضة الأولى، إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس وتمكين الفلسطينيين من تقرير مصيرهم، وتفكيك المستوطنات، عودة اللاجئين دون قيد أو شرط، ثم تقوية الاقتصاد الفلسطيني تمهيدا للانفصال عن الاقتصاد الإسرائيلي. انتهت هذه الانتفاضة في أوسلو ليظهر الفشل الذريع لدى القيادة الفلسطينية، إذ تمخض عن انتفاضة شعبهم اتفاق لا يخدم قضيتهم إطلاقا، فأين ثوابت الانتفاضة وجدواها ولماذا قمنا بها؟ وهل كان هناك تفويض شعبي رسمي لمن قام بالاتفاق؟

تَتَبُع تاريخ المواجهات وإفرازها يفضي إلى (كارثية القيادة السياسية) في هدر كل التضحيات التي يقدمها الشعب، فنجد عقب كل مواجهة اقتراب أكبر للسلام و"موبيقات" وطنية مجنونة تماما، فلماذا نقاوم وننتفض؟

– وعن انتفاضة 2000 انتهت على أساس خارطة الطريق 2005، ومن 2005 إلى لقاء ترمب 2017 وكل محاولات إنعاش عملية السلام فشلت، وعن الدولة التي ما زالوا يلهثون خلفها فحقيقتها معلومة، فهي تموت إن أوقف الاحتلال "أموال المقاصة"، من جديد السؤال ذاته أين مكتسبات هذه الانتفاضة ولماذا أٌوقِفت الانتفاضة؟ كما عبارة صلاح خلف الشهيرة لمصلحة من تتوقف الانتفاضة؟

– وفي انتفاضة القدس "السكاكين" النتيجة ذاتها لأنها خارج الأطر السياسية، فلا لسان لها ولا مطالب واضحة لها، إنما انفجار نتيجة تراكمات وفعل عفوي عاطفي، فلا فائدة منها سوى ترسيخ الشعور الوطني المقاوم ورسالة للاحتلال والعالم أننا لا نزال أحياء ومستعدين للمواجهة.

– ثانيا: حروب غزة:
– باختصار شديد هي نموذج آخر لجودة الفعل المقاوم ورداءة الآداء السياسي لاتصاله "بإفرازات السلام" مع فارق مهم وهو "تعاظم وثبات المشروع المقاوم، والحصار وظروف الحياة الإنسانية الصعبة" للمرة الرابعة نسأل لم لا جدوى من المواجهات الثلاث، أين ثمن التضحيات؟

– الانقسام وأزمة القيادة الموحدة:
من ناحية إدارية صرفة، فإن غياب القيادة الموحدة هو أمر عبثي ومدمر، فكيف بها وهي تُعنى بمصير شعب بأكمله. أسهم أوسلو في حدوث "انقسام" هائل في رؤى الشعب الفلسطيني، مما مهّد الطريق لظهور حركة حماس كقوة وازنة بسبب تمسكها بخيار المقاومة كخيار استراتيجي، وأحداث غزة 2007 ما هي إلا تطور ميداني لانقسام الرأي حول أوسلو خصوصا عند محاولة تقويض حكم حماس. وبهذا العرض المنطقي المُبرهن، نَخلُص إلى مدرستين في الشارع الفلسطيني، مدرسة "المفاوضات والسلام" بقيادة زعيم فتح الرئيس عباس، ومدرسة "المقاومة المسلحة" بقيادة زعيم حماس هنية.

– كل ما يُنجز عسكريا وميدانيا يُبدد سياسيا: 
تَتَبُع تاريخ المواجهات وإفرازها يفضي إلى (كارثية القيادة السياسية) في هدر كل التضحيات التي يقدمها الشعب، فنجد عقب كل مواجهة اقتراب أكبر للسلام و"موبيقات" وطنية مجنونة تماما، فلماذا نقاوم وننتفض؟ بكل تأكيد التشبث بالمقاومة لن يعيدنا إلى حيفا غدا، فالمقاومة جدوى مستمرة متراكمة، لكن من شأنه أن يردع الاحتلال عن أغلاق المسجد الاقصى وهذا بيت القصيد اليوم.
أسوأ ما تمخض عن الترهل السياسي "نجاح كي الوعي" ضد شريحة في المجتمع تتباين مواقفهم من جدوى المقاومة، وهي نتيجة طبيعية بعد كل هذا الخذلان.

نتائج الاستفتاء تُبقي على أوسلو وتلغي المقاومة وتذهب للسلام، فنذهب للسلام ونرمي سلاح غزة في البحر مثل الكيماوي السوري، وننسى ثقافة ضرب الحجارة ونذهب لنزرع "ليمون وتفاح".

– ما الذي يتوجب علينا فعله؟
كي لا تتكرر أعظم حالة إذلال شهدناها "إغلاق المسجد الأقصى" على الكتل الطلابية في الجامعات وكافة النقابات والأحزاب السياسية وجميع المؤسسات الشبابية والوطنية وكل جماعات الضغط، وفلسطينيي الشتات أن يطرحوا اتفاقية أوسلو للمشاورات والدراسة (سلبيات، إيجابيات) لأن الانقسام الذي يُبدد مكتسبات أي مواجهة، في ظاهره "شرعية الحكم وسيادة معابر وموظفي غزة" وجوهره "سلام أو مقاومة"، ثم عرض الاتفاق على استفتاء شعبي عام يشارك فيه الكل الفلسطيني "حول جدوى الاتفاق" علما أن النتائج مؤشراتها واضحة بخط مواجهات مع الاحتلال على طول نقاط التماس، وفلسطينو الشتات "نصف الشعب" فاذكر لي فائدة واحدة لهم من أوسلو.. لذا فالنتيجة محسومة، لكن لداعي انعدام الوسيلة فلا بُد منه، وفي الضفة الغربية فهو حق جماعي أصيل يقلل من سطوة الأمن على سيره في حال اعتراضه.

– احتمالين لا ثالث لهما:
إن كانت نتائج الاستفتاء تُبقي على أوسلو وتلغي المقاومة وتذهب للسلام، فنذهب للسلام ونرمي سلاح غزة في البحر مثل الكيماوي السوري، وننسى ثقافة ضرب الحجارة ونذهب لنزرع "ليمون وتفاح"، وإن كان الاستفتاء يدفن أوسلو فنذهب لبناء مشروع تحرر وطني حقيقي يجمع الكل الفلسطيني تحت قيادة موحدة، بهذا نتخلص من مشكلة الشرعية فتح أم حماس، ومن أزمة انعدام القيادة الموحدة لوقف استنزاف طاقات الشعب البشرية والمادية، والانتفاضات والحروب التي تذهب تضحياتها أدراج الرياح كما أشرنا آنفا، فلو قصفنا تل أبيب اليوم لفتح الأقصى ما استجابوا لنا والتجربة خير دليل.

أختم بعبارة قالها ميكو بيليد نجل جنرال إسرائيلي عشية عدوان 2014 "أمام الفلسطينيين خيارين فقط إما الاستسلام بشكل كامل، أو المقاومة وهم يقاومون الآن".

إعلان

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان