رجل حرر نفسه من تلك القيود، لم يخش أن يكون منبوذاً، أراد أن يكون مختلفاً، فصنع لنفسه جناحين ووقف على مرتفع الرصافة في قرطبة وألقى بنفسه من هناك |
الحقيقة أن المجتمع قد فرض علينا أفكاراً وتوجهات نتبعها دون أن نفهمها، تحيط بنا من كل جانب تماماً كالقيود، كلما حاولنا التحرر منها نشعر بالنبذان، لنكتشف فى النهاية أننا هربنا من واحدة لنلج فى أخرى، يحاولون دائماً أن يجعلوننا أغبياء وهم فى بادئ الأمر لا يعلمون لماذا يفعلون بنا ذلك ولكنهم يخطون خطى أجدادهم السابقين، هذه الأفكار والتوجهات وضعت منذ مولدنا وربما قبل ذلك، كل واحد وضع قيوده حولنا، كل واحد يدعونا لنتبعه حتى نتحرر، فنكتشف بعد ذلك أننا استبدلنا سيداً بسيد.
إن جزءاً كبير مما يحدث مرده الخوف من ردود الفعل، فلا تجعل الخوف يجعل منك تابعاً كما في التجربة، عليك أن تسأل نفسك حين تتصرف بسلوك ما، لماذا أتصرف هكذا؟ حتى يتبين لك مكامن الخطأ، ويتبين لك السلوك الصحيح من السلوك الخاطئ، هل كل ما يفعله من هم قبلي لا بد أن أفعله أنا؟ أم في الأمر تفصيل؟
إن كثيراً من الناس يتطبعون بهذا الطبع مثل القرود تماماً وهذا هو الغباء بحد ذاته، فالإنسان في المجتمعات هو مثل هذه القرود تتبرمج وتتشكل سلوكياته لا إرادياً، لكن في تجربة الحياة هذه لا بد أن يظهر قرد متفرد يحدث ثورة التغيير، فحاول أن تكون هذا القرد الذي يحدث التغيير ولا تكن قرداً سادساً، عليك بالرجوع إلى حكم العقل والمعايير الإنسانية والسماوية العادلة في كل قرار تصنعه، اترك التقليد الأعمى الذي لم يخلف سوى المشاكل الاجتماعية الكثيرة جيلاً بعد جيل.
قرأت عن رجل حرر نفسه من تلك القيود يوماً بعدما أخبروه أن الإنسان لا يمكن أن يطير، هكذا قال الأسلاف، لم يخش أن يكون منبوذاً أراد أن يكون مختلفاً، فصنع لنفسه جناحين ووقف على مرتفع الرصافة في قرطبة وألقى بنفسه من هناك، وظل يضرب بأجنحته الهواء حتى صار أول من طار من الرجال، فقاده اختلافه لواحد من أعظم اختراعات البشر وجعلنا نصل من قارة إلى أخرى في ساعات معدودة، فلا تستهل البقاء داخل الصندوق و خوض غمار الحياة على خلاف الأسلاف.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.