التنظير بشكل سلبي ليس له أدنى فائدة، بل يزيد المصيبة لأنه يُفسد الوعي العام فتنحرف البوصلة عن الأصل، الأولى بنا نصرة المسجد الأقصى وهذا كان الأولى بنا منذ زمن بدلا من الانشغال في التنظير والردح |
جميعنا نعلم أن المسجد الأقصى جزء لا يتجزأ من عقيدتنا كمسلمين، وكما نعلم حتى على مستوى الأعمال العبادية متى ما كانت العقيدة ضعيفة الأركان هُدم الإيمان لتصبح روح تلك الأعمال ميتة الجدوى داخل الإنسان، ومتى ما انحرفت البوصلة عن (نصرة) المسجد الأقصى بشتى الوسائل، وأصبحنا نُنظِّر فقط إن كان سيسمح لنا الصلاة فيه أم لا إن قمنا بنصرته، فهو في كل الأحوال سيبقى تحت سطوة الاحتلال وسيموت فينا الإيمان بأهمية تحريره شيئا فشيئا.
ما زلنا حتى هذه اللحظة، نناقش مدى جدوى العملية التي نفذها ثلاثة أبطال عبّروا عن عقيدتهم وحبهم بنصرته لا بالحديث من خلف الشاشات، حتى الآن نختلف إن كان ما فعله هؤلاء الأبطال الثلاثة صحيحا أم لا، ننتقد هذه العملية بحجة أنها كانت السبب في إغلاق المسجد الأقصى ونسينا أن المسجد الأقصى يتم اقتحامه وإغلاقه في كثير من الأيام من غير أن يتحرك لدينا أي شعور، بدلا من أن يتنامى شعور أنه آن الأوان لاسترداد ما هو لنا، نزاود على الشهداء في الوقت الذي لا نقدم أي شيء فعلي للمسجد الأقصى.
حقا أتساءل عن تلك الجموع الغفيرة التي كانت تشد الرحال للمسجد الأقصى في شهر رمضان حينما يسمح لها الاحتلال فقط، أين هي الآن من الذي يحصل؟ أم أننا أصبحنا لعبة بيد الاحتلال متى ما سمح لنا نشد الرحال ومتى رفض ننتكس ونختبئ؟ بالتأكيد لا أحد لا يعلم ما بداخل النفوس لكن على الأقل من لا يملك شيئا سوى التنظير والمشاعر الإلكترونية فليصمت، ولا أظن أن المسجد الأقصى كان سيبقى مغلقا لو كنا نملك ذلك الحب الكبير، سيقول الكثير ماذا أفعل إذن، وإني أتساءل هل سنطرح هذا السؤال إن هُدم المسجد الأقصى؟
نتألم لما يحدث، ونتألم للصمت أكثر، حتى إنني أكتب هذه الكلمات وأود البكاء لما يجري، عرفت أن إغلاق المسجد الأقصى فتح أعيننا على خذلاني وخذلانك وخذلاننا جميعا، أقاتل بكلماتي وهي أضعف إيماني. |
التنظير بشكل سلبي ليس له أدنى فائدة، بل يزيد المصيبة لأنه يُفسد الوعي العام فتنحرف البوصلة عن الأصل، الأولى بنا نصرة المسجد الأقصى وهذا كان الأولى بنا منذ زمن بدلا من الانشغال في التنظير والردح، وحتى فيما سبق حينما كان يُدعى لمسيرة تضامنية مع المسجد الأقصى كان هناك من يستمر في اللوم ومحاولة الاختباء كي لا يتعرض لأي أذى ويحافظ على سلامة عيشه ونسي أنها دُنيا، ونسي قوله تعالى:(قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) ليمحص الله ما في قلوبنا ونحن نخاف حتى من تضامن صغير خوفا من أن تُسلب منا امتيازات الدنيا، فما هي حجتنا أمام الله وهو يمحص ويختبر قلوبنا؟ علينا أن نعي الآن أن الاحتلال تمادى ليس لأن ثلاثة شبان قاموا بعملية بطولية، بل لأن الدنيا أصبحت كل همنا وماتت عقيدة الأقصى فينا.
نتألم لما يحدث، ونتألم للصمت أكثر، حتى إنني أكتب هذه الكلمات وأود البكاء لما يجري، عرفت أن إغلاق المسجد الأقصى فتح أعيننا على خذلاني وخذلانك وخذلاننا جميعا، أقاتل بكلماتي وهي أضعف إيماني، والأقصى يبكي الآن، فكرة أن الاحتلال يتجوّل في الباحات من غير وجود أي مسلم هناك يدافع عنه وحدها تجعل القلب يضيق والروح تضطرب، لذلك الأجدر بنا إصلاح النفوس وفهم القرآن لننعتق من أقفال الدنيا على قلوبنا ونسمو بالعقيدة الصحيحة بدلا من أن نكون ضحية سهلة للأفكار التي تهدم العقيدة وتقتل الشعور الفعليّ، حينها ستتوجه البوصلة نحو التحرير، أما الردح في الهواء والتحليلات اللامنطقية فستهوي بنا إلى الهلاك لا محالة، فالفكرة على سوئها أو حسنها، إما أن تضربك فتسقط لأسفل التيار فتغرق، أو تسمو بك للأعلى فتصل رغم كل الصعوبات والتحديات التي تواجهك في الطريق.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.