قراءة قصص وكتابات كافكا بشكل عام صعبة جدا، فهي مليئة بالرموز والإيحاءات الصعبة والتي أشغلت مئات الأكاديميين في كل أنحاء العالم في محاولات فك طلاسمها وفهم مغزى كافكا منها، عدا عن أن جزءا ليس بقليل منها لم ينهه كافكا بشكل يرضيه هو، فظلت بذلك نهاياتها غير مكتملة تثير الرعب والقلق في نفس قارئها.
الصعوبة في الترجمة جعلت قراءة وفهم بعض قصص كافكا مستحلية، فيكفي أن نعرف أن قصة كافكا “المسخ“ قد أحدثت خلافا كبيرة بين المترجمين العرب لمجرد إيجاد الكلمة الصحيحة لعنوان القصة. |
من أكثر ما جذبني في مجموعته قصة العرين، وتحكي قصة مخلوق غريب حفر له عرين تحت الأرض ليحتمي فيه من أعداء وهميين، وسخر هذا المخلوق حياته بأكملها في صيانة هذا العرين وإصلاحه وانتظار هجمات مرتقبة وتغيير خططه في كل مرة يسمع فيها صوت حسيس صادر من أعماق الأرض، قصة مرعبة حقيقة تصور حالة الإنسان الذي قد يصاب بهوس أو اضطراب ما يسرق عمره في محاولات فهمه والحفاظ عليه.
قصة أخرى ليست بأقل أهمية هي قصة فنان الجوع وهو شخص يهوى تجويع نفسه مما جعله يشارك في العروض المسرحية وعروض السيرك ليشاهده الناس وهو ممتنع عن الطعام لعشرات الأيام. تمر الأيام وينسى الجميع فنان الجوع الذي غاص من التعب في كومة القش في القفص الذي كان يقيم فيه فيظنه الجميع قد مات، لكن حين يحاولون إزالة جثته ليضعوا مكانها نمر إفريقي مرقط يستيقظ ويفتح عينيه بصعوبة ويقول لمن يحيطون به “أتدرون لماذا كنت أحرم نفسي الطعام طوال حياتي؟ لأني لم أجد الطعام الذي أرغب فيه“.
كتب كافكا كتاباته بلغة قديمة وصعبة جدا مما زاد عملية ترجمتها صعوبة وحساسية، فكاتب القصص الرمزية تجده يواري أفكاره خلف المصطلحات التي ينتقيها بعناية من لغته الأم، فمن يقرأ على سبيل المثال رواية أولاد حارتنا يجد أن نجيب محفوظ لم يختر أسماء الشخصيات اعتباطا وإنما بشكل ذكي للغاية يتناسب ومعناها باللغة العربية مع دورها في الرواية. هذه الصعوبة في الترجمة جعلت قراءة وفهم بعض قصص كافكا مستحلية، فيكفي أن نعرف أن قصة كافكا “المسخ“ قد أحدثت خلافا كبيرة بين المترجمين العرب لمجرد إيجاد الكلمة الصحيحة لعنوان القصة. ختاما أقول إن قصص كافكا كالحبوب المهدئة، واحدة منها ستهدئك أما جميعها فستقتلك.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.