الحقيقة تلزّنا إلى أن أطروحاته العلمية الدينية مما لا ينبغي أن تناقَش فيها آراؤه ممن لم يعمِق النظر فيهما، وأعجبني مولانا د. سعيد الكملي عندما قال إن كثيرًا مما يطرحه د. عدنان يحتاج إلى مناقشات علمية متخصصة لا في إطار الجماهير الذين تغرقهم التفاصيل. |
وللرجل رِغم ذلك محاضراتٌ مفيدة وخطبٌ حلوة مليحة، ويُحسب له لغتُه السليمة وثراؤُه النحويّ، ودفاعُه عن الدين ضدّ الملاحدة والنصارى واليهود والمستشرقين والمستغربين بغيْرة صادقة، وله أسلوبُه الجميل الشائق في طرح المسائل وعرضها، يشفعها بتقعيداته وتدليلاته وتمثيلاته، واستدلالاته لاسيما من الغربيين والفلاسفة والمناطقة ونحو أولئك، فليس شرًّا محضًا، ولا إبليسًا صرفًا، ولعلّ وجودَه في بيئة غربية أثّر في بنيوية منهجه وتعاطيه مع المسائل لاسيما ما كان متعلقًا بالغيب، وما كان متعلقًا بما لا يقبله العقل العدناني إجمالا، حتى إنك تشعر أن له فضلا واضحًا على ثبات البعض على دينهم لاتباعه طريقة المعتزلة التي تناقش بالعقل والحجة والمنطق في زمنٍ لم يعد يسعف فيه أسلوب المشيخانية القحّ ولا التقليدية الدينية التي يرفض بعض أربابها مجرد طرح تساؤلات تتعلق بالله تعالى والدين والحياة إجمالا، لكنه في المقابل دون أن يدري أوجد مجموعات ديكارتية تغرِب في الشكّ رغبةً في الوصول لليقين، ولكن بعلم منقوص ومعرفة خداج، فلا هم وصلوا إلى مراده ولا هم ثبتوا على دينهم، ولا حول إلا بالله.
ومع هذا فلا يخطئ المتابع ولو قليلا رؤية نزعة التدليس والاجتزاء عند الدكتور؛ فيعرض من المسائل ما يخدم سياقه ومراده العام، وانظر في ذلك خطبتيْه في حدّ الرجم اللتين أتى فيهما بكل شبهة ولم يستطع حتى مع عَرَقِه الشديد أن يفك لوغاريتماتها ولا أن يحل كلماتها التي قطّعها، ثم ترك الأمر على عواهنه وغواربه و"شوارقه"، وأوقع متابعيه في حيْرة مكتفيًا بالعنوان العجيب، ناهيك عن غروره الواضح، وحبّه المديحَ ونشرِه فيما رأيته، وانتقاصه من الآخرين، حتى إنه ليسلقهم بلسان حادّ مستسفهًا مستتفهًا مستضحكًا عائبًا، كأنه ابنُ بجدتها الوحيد وفارسُ حلبتها الفريد، وما هذا سبيل الراسخين ولا المبتدئين الصادقين.
يزعم لك أنه لا يتكلم في سياسة ثم يُساق إلى حديث عن بلدٍ فيصفه بكذا وكذا، ومع ذلك تجد له مدافعين ومطبلين ومبررين، ولا يذكرني أمرهم إلا بحزبيي بلدنا أخضرهم وأصفرهم فيما يتعلق بأمورٍ "فاقعٍ لونُ" خطئها على أنها لا تسرّ المتابعين. |
على أن الحقيقة تلزّنا إلى أن أطروحاته العلمية الدينية مما لا ينبغي أن تناقَش فيها آراؤه ممن لم يعمِق النظر فيهما، وأعجبني مولانا د. سعيد الكملي عندما قال إن كثيرًا مما يطرحه د. عدنان يحتاج إلى مناقشات علمية متخصصة لا في إطار الجماهير الذين تغرقهم التفاصيل، لكنّ الرجل ليته وقف عند هذا حتى كان بائسًا سياسيًّا ومتضاربًا واتهمتُه ذات مرة هو وفتح الله غولن بأنهما إما يحملان حقدًا دفينًا؛ الأول على الإخوان والثاني على جماعة أردوغان، أو أنّ جهةً ما اشترت ذمّتيْهما، وما هي إلا فترة حتى سُلّطت عليه أضواء الإعلام وطُلب في برامجَ تلفزيونية لا يعنينا منها دفع ثمنها المسبق بقدر ما يعنينا مراجعته ومحاسبته على إسفافاته التي تصل إلى حدّ الجرم حتى طالب الإخوان بأن يكونوا حسنيين فيتنازلوا لمعاويةَ الجديد سيسي مصرَ.. سبحان الله.
ثم لم يزل به أكلُ الأضواء والاعشوشاب من الهوامش السياسية حتى أيّد من طردوه على علمه الأكيد بقمعهم الحريات ومشاركتهم في القلاقل العربية والإسلامية، بل ونشرهم المحرمات وتقنينهم المنكرات في بلدهم، ثم يزعم لك أنه لا يتكلم في سياسة ثم يُساق إلى حديث عن بلدٍ فيصفه بكذا وكذا، ومع ذلك تجد له مدافعين ومطبلين ومبررين في مثل هذا، ولا يذكرني أمرهم إلا بحزبيي بلدنا أخضرهم وأصفرهم فيما يتعلق بأمورٍ "فاقعٍ لونُ" خطئها على أنها لا تسرّ المتابعين أو يسوغ فيه خلاف الناقدين الصادقين..
نسأل الله السلامة والثبات، وأن يهدينا ود. عدنان والمسلمين أجمعين إلى سبل السلام.
والحمد لله رب العالمين!