شعار قسم مدونات

القراءة موضة قديمة

blogs القراءة

القراءة موضة قديمة، هواية مملة وقراءة الروايات تحديداً مضيعة للوقت بلا فائدة للسذج والمراهقين متعطشي العاطفة والحالمين وأصحاب الخيال والعوالم الموازية، أما القارئ فعموماً هو إنسان انطوائي وحيد وحزين لا يستطيع التواصل مع الآخرين وغيرها من تصنيفات باطلة في حق القراء والقراءة.

 

من قبل لم يكن لدي دليل قاطع، إجابة شافية أو حتى عبارة وافية أو كتاب بسيط وفي المتناول يجيب عن كل الخرافات التي يتقاذفها الناس حول القراءة في وجهي، حتى أنني تحدثت بشكل لا مباشر في مقالة سابقة لي بتواضع محاولة تفنيد بعض الاتهامات في صلب القراءة والكتابة على حد سواء.

 

حتى جاء كتاب 27 خرافة شعبية عن القراءة للكاتبان الدكتور ساجد العبدلي وعبد المجيد حسين في 27 مقال مفصلة ل 27 خرافة حول القراءة مع الرد عليها بلغة رائقة وأنيقة تخاطب العقل والمنطق، دون رتوش أو تشويه أو تلفيق للحقائق.

 

يغيب عن الكثير أن نصف المجتمع امرأة والنصف الآخر تلده امرأة، تخيل ضياع المجتمع كافةً إذا كانت هذه المرأة لا تقرأ، وتدور في دائرة مغلقة من أجل مساحيق التجميل فقط

لقد حاول الكتاب تنصيب الحقائق موضعها الصحيح، وإثبات أن التصنيفات التي يضعها أغلب الناس حول ظاهرة أو عادة هي نتيجة سلوكيات مغلوطة تصدر من فئة محدودة جداً، ولكنها تأثر في تأسيس هذه المجتمعات على المدى الطويل، مما يؤدي إلى تبني معتقدات هائلة الفداحة ومحاربة قيم محضة مثل محاربة القراءة بسبب مجموعة عظيمة من الممارسات الخاطئة في حقها جيل بعد جيل.

 

وهذه بعض الخرافات التي حاربها الكتاب حرباً باردة:
– الرواية تسلية رخيصة
– القراءة المسبب الرئيسي للجنون
– القراءة مجرد هواية
– التجربة والممارسة العملية أهم من القراءة
– القارئ شخص انطوائي
– لا يوجد وقت للقراءة
– كل الكتب صالحة لجميع القراء
– الكتب مهددة بالانقراض
– القراءة مملة
– القراءة صديقة البطالة
– القراءة تضعف البصر
– قراءة الصحف تكفي
– الأفلام تغني عن القراءة
– كتب المدرسة تكفي
– الكتب الأكثر مبيعاً هي الأفضل
– الكتاب المقدس والكتب الدينية تكفي
-خرافة القارئ المثالي

 

وهناك المزيد المزيد ولكنني لست بصدد مناقشة الخرافات وتفنيدها واحدة تلو الأخرى، لأن الكتاب أجاد حقاً هذه المهمة ولن أستطيع تلخيص كتاب في سطور معدودة ومقالة واحدة ولكنني أحب التركيز على خرافة أن الرواية تسلية رخيصة رغم أن القصة هي أعظم وسيلة تواصل عرفتها البشرية.

حتى القرآن الذي يتشدق به من ينظر للكتب الأخرى نظرة دونية، يحتوي على 20 بالمئة من الأسلوب القصصي كما أخبرت احصائيات الكتاب. ويجدر بي في هذا السياق ادراج النص القرآني الجليل (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ) سورة يوسف.

 

كأن الله يخبرنا أن التعليم ليس محصوراً في طرق محددة، فحتى قصص الآخرين قد تعلمنا درساً كنا سنمضي عهداً من الزمن كي نستنبطه ونحن في غنى عن هذه الدوامة، وقد استطرد الكتاب بنقاط أخرى حول الموضوع أتركها لكم.

 

يجدر قراءة الكتاب جيداً لكل المؤمنين بهذه الخرافات وبكل من لم يفلح يوماً في الدفاع عن نفسه وعن الكتاب الذي يقرأه وعن فعل القراءة المحببة إليه، لقد ترجم هذا الكتاب كل المعاني والمفاهيم التي عكفت جاهدة على شرحها للآخرين ولم أفلح.

 

القراءة والعلم لا يتنافيان مع الجمال والاهتمام، وليس هناك صلة أصلاً بينهما، كل ما في الأمر أن هناك بعض الإناث فضلن هذه الأساليب الحياتية ثم وقعت الخرافة بشكل تراكمي وحاربت الجميع كل أنثى تقرأ بعد ذلك كأنها لعنة

إن القراءة فعل حب ودهشة قبل أن تكون نظارة وانطواء، ولا يهم كم كتاباً قرأت، بل كم كتاباً بقي فيك، وغير منك وعلمك وصححك، نحن صنيعة الكتب الحرة التي نقرأها ونختارها بمحض إرادتها بعيداً عن أي قيود، صنيعة ما يعلق في أذهاننا من دروس في هذه الحياة وما بقي من قصص وحكم وأقوال نستمدها من تجارب الآخرين في الكتب.

 

ويمكنني أن أضيف خرافة لم يتطرق الكاتبان لها بحكم طبيعتهما الذكورية وليس عيباً أو انتقاص منهما أبداً ولكنها ظاهرة شبه موضوعية أو خرافة أحببت أن أنقلها أيضاً، يعاني منها بنات جيلي، أن الإناث القارئات إناث مملات، قبيحات جامدات يضع نظارة كبيرة أمام أعينهن ولا يضع أي مساحيق تجميل ولا يعنيهن الجمال الظاهري أبداً وهذه الصورة النمطية السوداء التي قولبتنا جملةً واحدة دون تمحيص.

 

أعتقد أن الكثير من الإناث تركن القراءة بسبب هذه التعليقات الساخرة والشتائم اللاذعة. يغيب عن الكثير أن نصف المجتمع امرأة والنصف الآخر تلده امرأة، تخيل ضياع المجتمع كافةً إذا كانت هذه المرأة لا تقرأ، وتدور في دائرة مغلقة من أجل مساحيق التجميل فقط. القراءة والعلم لا يتنافيان مع الجمال والاهتمام، وليس هناك صلة أصلاً بينهما، كل ما في الأمر أن هناك بعض الإناث فضلن هذه الأساليب الحياتية ثم وقعت الخرافة بشكل تراكمي وحاربت الجميع كل أنثى تقرأ بعد ذلك كأنها لعنة.

 

أتمنى حقاً ألا نصنف الآخرين ونعنون الممارسات وندين الناس بسبب بعض السلوكيات الفردية. وأتمنى أن نحارب كل الذين ينشرون هذه الخرافات الملغمة ونتصدى لها، بالفعل قبل القول. أنت لا تستطيع أن تخبر الآخرين أنك صادق ولكنك تستطيع أن تريهم ذلك. ليس هناك أسود وأبيض فقط، هناك درجات الرمادي على امتدادها اللانهائي بينهما ولقد قصدت من عنوان المقال، أن أجلب الريبة والحنق، وآمل أنكم وصلت إلى هذه النقطة من مقالتي وتبخر غضبكم. إن كان هناك أي خرافات أخرى، أتمنى أن تطرحوها .

 

وقبل كل شيء فإن أول آية نزلت في القرآن هي: (‏‏‏اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ) سورة ‏العلق‏. كما يقول الفيلسوف الصيني كونفوشيوس: (مهما كنت تظن نفسك مشغولاً، إذا لم تجد الوقت للقراءة ستكون قد سلمت نفسك بيديك للجهل والنكران). قراءة ممتعة للكتاب وحجة مطبوعة لكل أعداء القراءة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.