شعار قسم مدونات

غرابيب سود.. وشياطين الإنس والإعلام

blogs - غرابيب سود

عندما اجتاحت ميليشيات داعش مدينة الموصل العراقية في عام ٢٠١٤ بحجة الدفاع عن أهل السنة في العراق من بطش حكومة الملالي في بغداد والتي كانت بدورها ليست سوى حكومة تابعة للمرشد الإيراني ونظام الملالي في طهران وقم، حيث مارست الحكومة العراقية الطائفية بشكل ممنهج بأبشع صورها من خلال تهميش وإقصاء المكون العربي السني وحتى الشيعي الغير مؤيد لولاية الفقيه الإيرانية مثل التيار الصدري، حتى عن مقتدي الصدر في آخر خطبة قال لحشد من مؤيديه في حال اغتالونني أكملوا الطريق من بعدي .كل هذه العوامل ساعدت داعش على السيطرة على الموصل وبقية مدن الشمال العراقية فقاطني هذه المدن هم أكثرهم من العرب السنة الساخطين والمضطهدين من الحكومة التابعة في بغداد..

وفي سوريا كان من أهم العوامل التي ساعدت داعش على السيطرة هي ضعف أمكانيات الجيش السوري الحر أمام ضربات داعش وتساهل الأسد في مقاومتها وجعلها تتمدد لكي يؤكد للعالم فرضية بأن سوريا تتعرض للإرهاب ولا يوجد بها أي ثورة وطوال هذه السنوات لم تحصل صدامات بين داعش وميليشيات الأسد إلا صدامات قليلة جداً وسهل تعدادها..

الآن وفي رمضان ٢٠١٧ تخرج علينا إحدى الشاشات العربية بمسلسل "ساقط" لا يمت للحقيقة بصلة وهو مسلسل "غرابيب سود" وكانت حجتهم هي محاربة المتطرفين ولكن هذا العمل يراد منه تشويه صورة الإسلام أكثر من محاربة المتطرفين، وهو يصور للمشاهد صور بعيدة كل البعد عن تعاليم ديننا الحنيف. فيصور المرأة المسلمة وهي اللاهثة وراء الجنس ومعاشرة الرجال في مشهد مقزز يراد به تشويه كل ما يمت بالإسلام وتجلياته وتشويه المرأة السنية على وجه الخصوص..

أراد الحكام العرب الجل من الشعب السوري عبرة لكل شعوبهم لو فكروا في يوم من الأيام أن يقوموا بثورة على أغلب أنظمتهم الفاسدة. وأصبحت الشعوب تفضل العيش في وحل الذل والفقر والمهانة على خيار الحرية والكرامة الذي سيكون ثمنه المزيد من دمائهم.

نشئت داعش وكل الأفكار المتطرفة راجعه إلى ظروف موضوعية متعلقة بقمع الأنظمة العربية الديكتاتورية لشعوبها وحرمانها من أبسط متطلبات الحياة والعيش الكريم وسلب إرادتها ورهنها لقوى خارجية من أجل البقاء على كراسي حكمهم حتى لو دمروا البلاد وذبحوا شعوبها، والأمثلة أصبحت كثيرة في عالمنا العربي مع الأسف..

الفكر لا يحارب إلا بالفكر ولا يحارب بالمسلسلات الساقطة، فإذا أردتم محاربة التطرف حاربوه بكل أشكاله سواء أكان تطرف سني أو علماني أو شيعي وهو الذي أثخن بدماء أهل سوريا والعراق واليمن أكثر مما أثخنت داعش وأخوتها، وإذا أردتم محاربة الفكر المتطرف حاربوا من كان يدرب المتطرفين في ريف حماة وهو بشار الأسد ويرسلهم إلى العراق ليقتلوا الآلاف من العراقيين، ولا ننسى نوري المالكي في إحدى مؤتمراته عندما قال بأنه يملك أدلة دامغة على تورط المخابرات السورية وبشار الأسد في إرسال الإرهابيين والانتحاريين إلى العراق.

وعندما تحاربون الفكر بالفكر هنا فقط ستجففون منابع الإرهاب، فوثائق أسامة بن لادن المسربة كشفت بأن حركة السلاح كانت على وشك الانقراض والاندثار، ومن دب بها الروح هو قمع الأنظمة لشعوبها في سوريا والعراق واليمن ومصر وأما باقي الحكام العرب ولو قدرت لهم ملاقاة بشار للاقوه وقبلوه من رأسه فهو الذي وقف أمامه تقدم الربيع العربي وله الفضل باستقرار أنظمة الحكم العربية، فبشار الآن يدافع عن ديمومة استمرار الأنظمة العربية، والأنظمة العربية شريكة في قتلنا.

فقد أراد الحكام العرب الجل من الشعب السوري عبرة لكل شعوبهم لو فكروا في يوم من الأيام أن يقوموا بثورة على أغلب أنظمتهم الفاسدة. وأصبحت الشعوب تفضل العيش في وحل الذل والفقر والمهانة على خيار الحرية والكرامة الذي سيكون ثمنه المزيد من دمائهم، ولكنه وضع لن يستمر طويلاً ومصير الحركات التحررية الكبرى أن تمر بكبوات كثيرة ولكنها سرعان ما تنهض لتستمر حتى الوصول إلى هدفها وتحقيق دول العدل والمساواة..

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.