هل كان الطفل المشرد ذو الثياب الممزقة والذي أتى إلى الناس في الشارع يطلب معطفا يحتمي به من البرد سيلقى نفس التعامل من ابن أحد الأثرياء في حيّه الفاخر؟! وهل كان سيعطيه جاكيته ذو الـ 6 آلاف دولار ليحتمي به من البرد؟! أم أن الطفل (كله على بعضه) لا يساوي زرا في الجاكيت.
الشعور الإنساني لدى صنّاع البرنامج كان من نصيب القضية السورية، حيث وصل الأمر إلى استغلالها لإشباع نقص الأخلاق واستعراض الكرم أمام اللاجئين والذي تسبب في صدمة و جرح لدى السوريين. |
لماذا يتم تصوير أحد الرجال الفقراء وهو يسرق من أحد المحال لرصد ردة فعل الناس بدل أن يتم الدخول إلى منازل الفقراء والمهجرين من الدول الأخرى والتي يقع قسم منها في مناطق لا تصلح للعيش البشري، ويتم توثيق المعاناة التي يعيشونها وعرضها على المسؤولين والتي هي كفيلة بأن تصدم جيلا بأكمله.
وبدل تطبيق التجارب الاجتماعية على الضعفاء لماذا لا يتم أخذ أبناء المسؤولين وأصحاب النفوذ في تجربة اجتماعية ليقفوا على طابور الوظائف الذي يعد هاجسا وبؤسا للشباب العربي بكل تفاصيله ويعيشوا معاناة الشاب العربي في حربه لتأمين قوت يومه والتي تنتهي عند البعض في الانحراف إلى المخدرات والرذيلة، وذلك لأنه لا يجد ما يسد رمق عائلته، بدل أن أحدهم مؤمن في وظيفته وحياته منذ أن كان في بطن أمه.. بل لربما يبقى السؤال الأهم هل شاهدنا إلى الآن أحد المسؤولين يخرج على شاشة التلفاز ويعترف بالتقصير، وأنه أحس بالذنب والصدمة تجاه أبناء بلده لما شاهده في هذا البرنامج الذي يعنى بالشعور الإنساني؟!
أم أن الشعور الإنساني لدى صنّاع البرنامج كان من نصيب القضية السورية والتي تعتبر الآن مادة دسمة في الساحة الدولية، حيث وصل الأمر لديهم إلى استغلالها لإشباع نقص الأخلاق واستعراض الكرم أمام اللاجئين والذي تسبب في صدمة و جرح لدى جميع السوريين الذين وجدوا أنفسهم سلعة رخيصة في البرنامج لتسويقه وجلب المشاهدات من خلال إظهار الشفقة عليهم وهم الذين كانوا لعقود من الزمن حاضنا للاجئين من مختلف الدول!
الصدمة الكبرى التي يعيشها المواطن العربي اليوم هي في تهرب وسائل الإعلام ومن خلفهم من المشكلة الحقيقية التي تعانيها الشعوب والتي وصلت به إلى حد الانهيار. |
وعلى الصعيد الشخصي أعيش في الأردن منذ 5 سنوات ولم أجد لليوم إهانة أو تشاؤما من أي أحد، وإن كان حصل هذا على وسائل التواصل الاجتماعي فإنه لا يعتبر مقياسا إلى الواقع وإلى حالات فردية لدى البعض تكاد نسبها تكون ضئيلة.
إن الصدمة الكبرى التي يعيشها المواطن العربي اليوم هي في تهرب وسائل الإعلام ومن خلفهم من المشكلة الحقيقية التي تعانيها الشعوب والتي وصلت به إلى حد الانهيار، فبدل أن تسعى هذه الوسائل إلى توثيق المشكلات وإيجاد الحلول الجذرية لها، ما زال الكثير منها يعنى بصناعة برامج ومسلسلات لم تبع لنا إلا الوهم والخرافات والتي ساهمت في مضاعفة الصدمة وزرعها في النفوس حتى لو كان هنالك تجارب تمثيلية هدفها التغيير، وهي أشبه بالضحك على اللحي في برنامج يقال له الصدمة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.