شعار قسم مدونات

من عَليِّ القوم إلى رشيدهم

blogs - رشيد بوجدرة

أما بعد.. للّه درّ الزير سالم حين قال وعصره يتخبط في وحل الجاهلية الأولى "إن تلمني عجائز من نزار.. فأراني فيما فعلت مجيدا"، هذا من تلك الجاهلية التي صدق رسولنا الكريم مكارم أخلاقها محدثا أنه جاء لإتمامها فهل حقيقة يمكنني أن أستعير شيئا من كلماتك يا زير لأنصف واقعنا وحالنا اليوم بيد أن بعض المتشدقين بالحرية والديمقراطية والثقافة خاصة استعاروا كافة أنواع اللوم والعتاب للاستثمار في كل شيء.. ربما أنا في عصر ليس كعصرك أيها المهلهل وربما أنا في عالم ليس كعالمك من شيء غير أن منطق الجهال طغى على كل شيء.

ما يحدث منذ حوالي ثلاثة أيام حول ما تعرض له الكاتب الجزائري رشيد بوجدرة من تبعات مقالب الكاميرات الخفية أو ما اعتبره البعض بالإهانة في وضح النهار لا يمكن وصفه إلا بالكرنفال إذ أن اعتصام العشرات من الكهول وبعضا من النسوة لم يجمع رجال السرك والأسود المدربة والقطط البيضاء فقط، إنما جمع أطيافا مختلفة من المثقفين والإعلاميين وحتى السياسيين.. شعارهم التعاطف وعناوينهم إثارة الفتنة والبلبلة.. ككل الكاميرات الخفية في العالم كانت الكاميرا الخفية التي بثها تلفزيون النهار مليئة بالهزل والتندر ولهذا فقد يتساءل أيا كان لما كل هاته الضجة التي أثارتها الحلقة رغم أن البرنامج سبق له وأن استضاف عشرات الشخصيات من وزراء وسياسيين تمام مثلما حدث العام الماضي، وهنا تحضرني حادثة مشابهة لتلك المطالب الشعبية حول ردّ الاعتبار للداعية الشيخ علي عيّة الذي كان ضحية هو الآخر وطبعا كان هناك تجاوب من طرف الصحفي نفسه معد البرنامج أين تنقل إلى بيت الشيخ وطلب الاعتذار أمام الكاميرات التي نقلت لكل الجزائريين عفو الشيخ وصفحه، المشهد نفسه تكرر بنفس البرنامج مع الكاتب رشيد بوجدرة.

خلال اعتصام المتعاطفين مع صاحب الألف عام وعام من الحنين مشهد آخر رصدته العدسات قبل الأعين هو حضور شقيق الرئيس.. هو قال أنه جاء ليبدي تعاطفه كأي مواطن جزائري يحب رشيد، ومع ذلك لم يشفع له تواضعه ونزوله مشيا ودون حراسة

أعتقد أن السّي رشيد بصرف النظر عن النقطة التي كانت مربط الفرس في قضية تعرضه للإهانة لم يكن برشيد ولا بحكيم إذ أنه ليس بالضرورة أن كل ما يحصل حولنا موجه ضدنا، كان حريٌ برشيدٍ مثل الكاتب بوجدرة أن يكون أكثر ذكاء في تعامله مع الوضع قبل أن تنفلت الأمور لكن الكاميرات رصدته وهو يهرول تاركا خلفه أستوديو التصوير فيما استطاع غيره أن يمحو كافة حماقاته بابتسامة وتحية مصطنعة فبعيدا عن الأعين المخفية زاد الطين بلّه وابلُ السبّ والشتم الذي لا يليق بمثقف مثله.. 

خلال اعتصام المتعاطفين مع صاحب الألف عام وعام من الحنين مشهد آخر رصدته العدسات قبل الأعين هو حضور شقيق الرئيس.. هو قال أنه جاء ليبدي تعاطفه كأي مواطن جزائري يحب رشيد، ومع ذلك لم يشفع له تواضعه ونزوله مشيا ودون حراسة نحو جمع المثقفين الذي لم يخلو من السياسيين نعم السياسيون الذي أفسدوا كل شيء.. بسببه خسر رشيد تعاطف الرئيس وشقيقه وذلك بعد أن قامت ممثلة لأحد أحزاب المعارضة بالصياح بالخلف رافضة حضوره.

أخيرا لابد لنا أن ننوه بعد كل الذي حصل أن القناة المعنية كانت هي الرابح الأكبر من هذا الكرنفال.. فالمفارقة هي أن الفوز المحقق لم يكن في توقيف البرنامج من قِبل مديرها الذي علّق في تغريدة له على تويتر أنه سيوقف البرنامج حالا حتى لا تكون قناته حائطا للمبكى، لكن أسهم الرجل كانت في نهاية أسطورة ملكيتها لشقيق الرئيس الذي وقّع اليوم حضوره ضد برنامج من برامجها، قبل نقطة الختام علينا أن نعترف بأن هذه القنوات التلفزيونية مرآة هذا المجتمع لن ننتظر منها مشاهد بألوان زاهية إن كانت الصورة سوداء قاتمة..

إعلان

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان