وإذا قلنا إن ثورات الشباب العربي نجحت في تغيير رؤوس الأنظمة ونالت ما كانت تصبو إليه، فذلك لا يعني بالضرورة تغيير الواقع السياسي ما بعد ثورات الربيع العربي عما كان عليه قبل هذه الثورات، فهناك أنظمة رحلت ولكن بقي وكلاء عنها يديرونها بنفس الأسلوب، بل إن بعض الأنظمة التي حلت مكان الأنظمة القديمة وكان من المفترض أن تكون أكثر ديمقراطية، على العكس كانت أكثر دكتاتورية وأكثر كبحا للحريات وبقية الدولة في ظل حكمهم تحت مسمى دولة الفرد وليست دولة المؤسسات.
اليوم تجد أنك إذا أردت أن تطرح وجهة نظرك السياسية أمام فئة ليست بالقليلة من الشباب العربي سواءً في إحدى الجلسات العفوية أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ستتفاجأ عندما يحذرك أحدهم من ذلك. |
وللأسف فبمجرد انتهاء ما يسمى بثورات الربيع العربي سواء في البلدان التي حصل فيها تغيير في الأنظمة الحاكمة نتيجة هذه الثورات أو في البلدان التي تحول فيها الصراع من أجل الحريات إلى حرب أهلية، فإن واقع الحياة السياسية بالنسبة للشباب العربي من سيئ إلى أسوأ ما بين تنامي شعور فوبيا السياسة واللامبالاة نتيجة الإحباط الذي شعروا به بسبب بقاء الحال على ما هو عليه أو بسبب تنامي ظاهرة الإرهاب.
فاليوم تجد أنك إذا أردت أن تطرح وجهة نظرك السياسية أمام فئة ليست بالقليلة من الشباب العربي سواءً في إحدى الجلسات العفوية أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ستتفاجأ عندما يحذرك أحدهم من التكلم في الأمور السياسية ويخبرك بأن نهاية التكلم في الأمور السياسية هو السجن، وما يدل على مقدار الشعور بالقمع أيضا هو أن هذا الشاب يحذرك من التكلم في السياسة حتى من غير أن يعرف وجهة نظرك هل هي تتوافق مع سياسة هذا النظام الحاكم أم لا.
إذا أردت أن تشخص حال الشباب العربي الذين كانوا متواجدين في ميادين ثورات الربيع العربي، تجد أن كثيرا منهم وصل لمرحلة جلد الذات على الناحية السياسية، فهو يعلم مقدار الفساد الموجود لدى ثلة السياسية الحاكمة. |
وعلى الطرف الآخر حيث اللامبالاة الناتجة عن الشعور بالإحباط وعدم القدرة على التخلص من الدكتاتورية المتغلغلة في بنية مؤسسات الدولة ونتيجة تعرض ثورات هؤلاء الشباب العربي لثورات مضادة من قبل بقايا الأنظمة الراحة، ومنهم من أصابه الإحباط نتيجة استغلال هذه الثورات الشبابية المطالبة بالحرية والمساواة من قبل التنظيمات الإرهابية بنشر سمومها الأيدولوجية وتوسيع نفوذها لذلك فإن الشباب العربي لم يعد يبالي بالأمور السياسية، وغير مهتم باختيار من يمثله في الحياة السياسية، فتجد أن نسبة الإقبال عل المشاركة في الانتخابات واختيار مرشحي الرئاسة في وطننا العربي هي من أدنى النسب على مستوى العالم وكذلك هو الحال فيما يخص الكثير من البرلمانات العربية، فالمجالس النيابية في وطننا العربي هي أشبه بروابط المشجعين للأنظمة الحاكمة.
وإذا أردت أن تشخص حال الشباب العربي اليوم الذين كانوا متواجدين في ميادين ثورات الربيع العربي تجد أن كثيرا من هؤلاء الشباب العربي وصل إلى مرحلة جلد الذات على الناحية السياسية، فهو يعلم مقدار الفساد الموجود لدى الثلة السياسية الحاكمة، ومع ذلك فإنه صامت على هذا الفساد نتيجة ما تعرض له من إحباط وثورات مضادة عقب ثورات الربيع العربي ساهمت بإبقاء الحال على ما هو عليه وسرقت منهم هذه الثورات.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.