منذ مدة والجزائر تعيش حالة تخبط في القرار السياسي والقرار الاقتصادي وتضررت الكثير من المكتسبات التي تحققت بعد خروج البلاد من مستنقع الإرهاب بفضل مسار المصالحة الوطنية، واستفادتها من إيردات ارتفاع أسعار النفط وتخلصها من عبء المديونية، وتحولت هذه النعمة إلى نقمة نظير ما استشرى في البلد من مظاهر فساد في جل مفاصل المصالح العمومية والشركات والإدارات الكبرى؛ تجلت في فضائح غطتها مسارات قضائية شكلية وموجهة، هذا الوضع ولد في الأخير حالة تذمر جماعي لكل ممارسات ورموز الدولة واستقالة واسعة من الحياة السياسية، وقتلت روح الصمود لدى فئة النخبة من السياسيين والإعلاميين ومختلف الرموز والمراجع المجتمعية.
الامر يقتضي لم الشمل والبحث عن إجماع وطني لبناء جبهة متينة تستطيع الصمود أمام أمواج الفوضى التي تجتاح الوطن العربي، والجزائر ليست استثناء منه، ما دامت المصالح الدولية التي تحرك وتتغذى منها لم تنل بعد مرادها من بلد بحجم الجزائر. |
ويجمع الكل سواء الجزائر أو من متابعي شأنها أن حالة الترقب والضبابية هي سيدة المشهد على المدى القريب إلى حين بروز خيوط ومعالم استخلاف الرئيس بوتفليقة، وأن الحالة الراهنة تشكل أدنى مستوى تتقهقر إليه رمزية الدولة وهيبتها ويتراجع حضورها وتحكمها في المسار الاجتماعي العام في البلد، وأن الهوة تزداد اتساعا بين ما هو مسوق في الواجهات الرسمية من صورة كرتونية، وما هو واقع فعليا على مسارات السياسة والاقتصاد والوضع الاجتماعي، وإن الاستثناء الوحيد المجمع حوله هو الصورة المشرفة و والرمزية التي يحتفظ بها الجيش الوطني الشعبي وجهوده الجبارة التي يقوم بها مؤسسة وأفرادا في حماية الحدود ومحاولة تفكيك ألغام الوضع المتأزم في دول الجوار جنوب البلد وشرقها.
إن خيار المغامرة الأقرب للتدمير الذاتي الممنهج الذي تتبناه السلطة الحالية بوعي أو بغير وعي سيطيل بلا شك حلقات مسلسل تضييع الفرص، ويبتعد أكثر عن المسارات العقلانية التي تقتضي لم الشمل والبحث عن حالة إجماع وطني لبناء جبهة داخلية متينة تستطيع الصمود أمام أمواج الفوضى التي تجتاح الوطن العربي، والجزائر ليست استثناء منه، ما دامت المصالح الدولية التي تحرك وتتغذى منها لم تنل بعد مرادها من بلد بحجم ومقدرات وتاريخ واسم هي الجزائر.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.