شعار قسم مدونات

قاطعوهم.. إنهم قومٌ يتطهرون

blogs - الخليج وأمريكا
في جاهلية العرب، حينما تداعوا إلى حصار محمد، "صلى الله عليه وسلم" وصحبه في الشِعب، خرج من بين أصلابهم رجال يأنفون الظلم، فجعلوا صحيفة الحصار تحت أقدامهم ليدفنوها إلى الأبد، (هكذا ظنوا، فهم لم يتوقعوا ما سيجري في 2017م). 

"صحيفة المقاطعة العربية" اليوم لا تختلف عن نظيرتها قبل 1400عام، "لا يُبايعوهم ولا يُكلموهم ولا يُجالسوهم حتى يُسلِمّوا".. هي أغرب مقاطعة عربية شهدها التاريخ الحديث، ظاهرها تقويم سلوك وسياسات، وباطنها شطب عن الوجود.

"عشرة شروط" حاصروا بها قطر كانت هي الثمن، ما تكاد تنفك من واحد، حتى تصطدم بآخر، لكن أكثرها غرابة، كان اشتراط وقف دعم حركة المقاومة الإسلامية حماس التي لم يعرف عنها سوى مقاومتها للاحتلال الصهيوني في فلسطين ودفاعها عن المقدسات وتصديها للمشروع الصهيوني.

ففي القرن الواحد والعشرين، يكتب خبر، بأن دولا عربية تحاصر وتقاطع دولة عربية واحدة، لوقوفها إلى جانب حركة تدافع عن كل الدول العربية في وجه المشروع الصهيوني!!  تبدو للوهلة الأولى أحلام يقظة، سرعان ما تبددها عواجل وأخبار القنوات الفضائية ومقالات الكُتاب.

تعزل قطر اليوم لأنها وقفت إلى جانب الشعب الفلسطيني، لم تتخل عن دورها يوم كان الأسلم لها أن تتخلى، لم تضع رأسها بالتراب حينما أتقن الجميع دور النعامات، فممثلها بغزة ورئيس لجنة إعمارها بالقطاع محمد العمادي، يعرف حواري وزقاق غزة أكثر من معرفته بـ"كورنيش الدوحة". جلاء المشهد قطع جهيزة كل خطابات وأفعال المقاطعين، فنبض الشارع العربي عزلهم وحاصرهم وألقى بكل "أصوات العزلة" خلف ظهره، فهاشتاجات دعم قطر والمقاومة، تصدرت كل البلدان العربية.

لم يخب فأل قطر وحركات المقاومة، بتعويلها على الشعوب وهي اليوم تمزق وثيقة العزلة والمقاطعة، غير آبهة بكل عقوبات الحكومات، فبوصلة الشعوب واضحة لا تعرف إلا القدس.

ولأنني أم وأعلم جيدا قدسية العلاقة بين الأم وولدها ، ربما كان أكثر ما يدمي القلب بعد هذه القطيعة من أبناء الدين والدم، موقف تلك المرأة القطرية التي اضطرت لترك طفلها في الإمارات تحت تنهيدات من الخذلان والأسف على ما أصاب أمته، إذ انتزع منها طفلها كونه يحمل الجنسية الإماراتية خلال عودتها مجبرة لبلادها بعد قرار المقاطعة الذي فرض على قطر.

أرزاق عباد تقطع وقطيعة كانت بمثابة خنق للشعب القطري براً وجواً وبحراً، وهنا يخرج الزعيم رجب طيب أوردغان في وقفة عز وفخار ليلبي كامل احتياجات الشعب القطري، فالقائد "رجب طيب اردوغان" صاحب المواقف المشرفة والنبيلة لم يتوانى عن احقاق الحق أينما حل وارتحل، وهو الذي تعرض فيما مضى لمحاولة قلب نظام حكمه والانقلاب عليه والتنكيل به لكن "وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ".

إذ نصره الله ونصره شعبه في أحداث كانت الأسرع في زمن الانقلابات الفاشلة، حيث هبّ لنصرة إخوانه القطريين وامتلأت وضجت الأسواق القطرية بالمنتجات التركية وكأن الله اختار لتلك الدولتين بالتوحد للمضي في طريق الحق معاً.

لذا لم يخب فأل قطر وحركات المقاومة، بتعويلها على الشعوب وهي اليوم تمزق وثيقة العزلة والمقاطعة، غير آبهة بكل عقوبات الحكومات، فبوصلة الشعوب واضحة لا تعرف إلا القدس.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.