في ضلّ حيادٍ مبهمِ من السلطات التونسيّة لقضيّة حصار قطر كما كان الشأن في عديد القضايا الأخرى كاغتيال الشّهيد "محمّد الزّواري" مثلّا، تأتي جماهير رياضيّة لتحمل بشرف قضيّة حصار قطر وتردّ الاعتبار لكلّ تونسيّ ناصر هذه القضيّة ولعلّ يوم أمس لم يكن مشهودًا لجماهير ومحبّي النّادي الافريقي التّونسي فقط، إثر تتويجهم بكأس تونس لكرة القدم لكن توّجهم كلّ العرب الشّرفاء وذلك بسبب اللّافتة التّي زيّنت ملعب رادس، واستنكرت الحصار المسلّط عن قطر وأدانت بشدّة ألاعيب حكّام العرب الذين لا تنام لهم أعين إلّا إذا كانت اسرائيل في سلام.
وقد اختزلت الجماهير العظيمة القضيّة في هذه المقولة "كرهناكم يا حكام.. تحاصرون قطر وإسرائيل في سلام"، وبعد المباراة تلقّت جماهير نادي الشّعب المدح من كلّ غيور على الأوطان العربيّة وكلّ ناقم للتّطبيع الذّي أصبح هواية العديد من الحكّام العرب. يجدر بنا الإشارة إلى الدّور الذي تلعبه الرّياضة في تونس لتتحوّل المدارج إلى منابر تتعالى فيها أصوات الحرّية والكرامة وهذا ليس بجديد عن الجماهير التّونسيّة التي لطالما كانت سندًا للقضايا العربيّة والإقليميّة. والتّاريخ لا ينسى الرّجال ويبقى كذلك نقمة لكلّ خائن، بالأمس نعتت وزيرة شؤون الشّباب والرّياضة جماهير النّادي الإفريقي بالإرهابيين وها هي الإجابة تأتي من كافّة أرجاء وطننا العربيّ وهذا في ذاته خير ردّ لوزيرتنا وأقوالها.
لم تقتنع السلطات حتّى الآن أنّ هذا النّادي يشهد كلّ يوم ولادة رجال ستدافع عن ذات القضايا التي لا تستهوي حكّام التّطبيع في عالمنا العربيّ، ليبقى النّادي الإفريقي التّونسي شرفًا لسائر البلاد وظاهرةً غير قابلة للفهم |
وقد عرفت جماهير الإفريقي بقاعدة جماهيريّة عظيمة وبكثرة خلايا الأحبّاء فيها وبتنوّع الأنغام التي تنشد في كلّ المباريات والتي لطالما حملت عبارات مندّدة بالقمع والظّلم والفساد الرّياضي حتّى في الزّمن البائد ما قبل ثورة الحرّية والكرامة ليكون بذلك شعب الإفريقي ظاهرة تجاوزت ما هو رياضيّ لتتغوّل في قضايا اجتماعية وسياسيّة وبالتّالي تعدّت حتّى حدود الوطن لتدافع سابقًا عن قضيّة فلسطين من خلال شعارات وهتافات ولافتات يشهد بها التّاريخ وها هي اليوم ذات القوّة الجماهيريّة تقول كلماتها نصرة لقطر، وكأنّ هذه الجماهير لا تعترف بتأشيرة لتناول القضايا العربيّة وها قد جاء الدّور لقضيّة تظلّم أخرى في حقّ دولة عربيّة، مسلمة لها مكانة في العالم بتقدّمها وتطوّرها في شتّى المجالات.
لكن وبعد كلّ هذه العراقة الجماهيريّة والتّاريخ الحافل، تتدخّل أيادي الظّلم والقمع في تونس لتعتقل عضوًا ناشطًا للتحقيق معه في حادثة إدخال اللّافتة المخلّدة للملعب وهو إلى الآن رهن الاعتقال ولا يمكن اعتبار هذا الموقف إلّا جهلا للدّرس الذي تقدّمه جماهير الإفريقي من قبل السّلطات مرّة أخرى، فهؤلاء لم يقتنعوا حتّى الآن أنّ هذا النّادي يشهد كلّ يوم ولادة رجال ستدافع عن ذات القضايا التي لا تستهوي حكّام التّطبيع في عالمنا العربيّ، ليبقى النّادي الإفريقي التّونسي شرفًا لسائر البلاد وظاهرةً غير قابلة للفهم.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.