شعار قسم مدونات

الإعلام المصري.. الراوي الرسمي للتاريخ المزور

blogs الصحف
من ضمن ما تتطلبه دراسة الإعلام في إيران دراسة الصحافة المصرية، كونها وكما هو معروف من أوائل البلدان التي عرفت الصحافة في الشرق الأوسط، كما أنها وكما يقول عضو الهيئة العلمية لقسم الصحافة بجامعة "العلامة الطباطبائي" الدكتور عباس أسدي ومؤلف كتاب "التاريخ السياسي للصحافة المصرية" بأن التطورات السياسية في ذلك البلد تشير إلى أن عالم السياسة في مصر القديمة غير مشروع وباطل، مع أن هذا البلد كان من أول البلدان الشرق أوسطية التي فتحت أبوابها لعالم الغرب وذلك بعد غزو نابليون لها وتحولت إلى بلد متقدم في المجالات الثقافية والتنويرية، ولكن لم تستطع في أي وقت أن تكسر السياسة القديمة غير المشروعة والباطلة للبلد، حيث إن الديمقراطية لها طريق طويل بطول نهر النيل حتى تصل إلى أم الدنيا.
الصحافة المصرية التي تأسست مع إنشاء دولة مصر الحديثة إبان وصول محمد علي باشا إلى عرشها كانت وكما يقول أسدي مرافقة للمد والجزر السياسي، وهذا ربما ما يبرر تصرفات الإعلام المصري هذه الأيام وما يشهده من تراجع رهيب في الشكل والمضمون، لم يكن دخيلاً على الإعلام المصري، فمنذ جريدة "الوقائع المصرية" التي تأسست عام 1828م، بأمر من محمد علي باشا في القاهرة، كان هدفها الأساسي أن تبرر السلطة المطلقة لوالي مصر، في أواخر القرن التاسع عشر وعندما بدأت القوات الأجنبية بالمنافسة لأجل السيطرة على مقدرات هذا البلد، نجد أن الصحف أيضاً تحولت إلى أدوات تعكس آراء ونظريات هذه القوى، وعلى سبيل المثال كما يقول أسدي؛ فإنّ جريدة "المقطم" ساعدت على تنفيذ خطط بريطانيا وكذلك جريدة "الأهرام" ساعدت بوضع أحلام فرنسا على أرض الواقع، وفي الحقيقة كل ما كان ينتشر في هذه الحقبة كان يساهم في تأمين مصالح المحتلين أو الطبقة البرجوازية.

نستطيع رؤية فشل الإدارات المصرية المتعاقبة ومواكبة الإعلام المصري لكل ذلك الفشل منذ نكسة حزيران وما خرج به المذيع المصري حينها (أحمد سعيد) وتحويله تلك الهزيمة الكبرى إلى نصرٍ مبين!

وبمطالعة أدق للكتاب الإيراني نستشف أنّ أهم خصائص الصحافة المصرية كانت وبشكل عام -وفي كل حقبها- هي الدفاع عن الحكومات وسياساتها وإجراءاتها، وهذا ما نشهده اليوم، حيث نجد أنّ اهتمام وتركيز التقارير والأخبار الداخلية للصحافة المصرية تنصب على نجاح الإدارات الحكومية، ويؤكد أسدي على أن الكثير من الصحف والمجلات في مصر مرتبطة بالدولة بشكل مباشر أو غير مباشر، خصوصاً أن أكثرها هذه الوسائل الإعلامية رواجاً تُنشر من قبل عدد من المؤسسات الصحفية الكبرى.

ونستطيع رؤية فشل الإدارات المصرية المتعاقبة ومواكبة الإعلام المصري لكل ذلك الفشل منذ نكسة حزيران وما خرج به المذيع المصري حينها (أحمد سعيد) وتحويله تلك الهزيمة الكبرى إلى نصرٍ مبين! مروراً باتفاقيات "كامب ديفد"، بالإضافة لشق القناة الموازية لقناة السويس ودفع مبالغ طائلة من أجل مشروع أثبت فشله، وصولاً إلى تخلي السلطة الحالية عن جزيرتي تيران وصنافير، حيث رافق جميع تلك الانكسارات المصرية تطبيل إعلامي منقطع النظير.

وبالعودة إلى كتاب "التاريخ السياسي للصحافة المصرية" نجد أنّه يروي حكاية التاريخ والصحافة المصرية، ذلك أنه ليس كتاباً تاريخياً بحتاً وليس كتاباً يسرد تاريخ صحافة، وبتعبير آخر نستطيع القول بأنه ولحد ما تفسير وتحليل للخلاف بين التاريخ والصحافة المصرية، كما أنه –أي الكتاب- يشتمل على ثلاثة أقسام تحوي تطورات الصحافة والتأثير والتأثر بين الصحافة والسياسة والتي وضعت في موقع التحليل منذ زمان محمد علي باشا إلى زمان محمد أنور السادات، كما أنهّ يعتبر سلسلة من أربعة كتب هي "الصحافة في العالم المعاصر"، "كرامة الإنسان في قوانين الإعلام"، "حقوق جماهير الصحافة" و"تاريخ وكالات العالم".

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان