شعار قسم مدونات

ماركات عربي مسلم

مدونات - العرب

أخذتني ذاكرتي بعد تناولي الإفطار من منسف ثرود هو الوحيد برأيي الذي يجمعنا تحت سقف العروبة، لأسبح ببحر السيرة التي تداولتها الكتب ومواضيع كانت تطرح في مادة التاريخ والتربية الدينية كما أسماها أصحاب القوانين الوضعية في سوريا بفكرهم ذكر الإسلام في هذه المادة بعنوان الكتاب قد يحور الدولة إلى دولة متطرفة لم تساو بين أهل الكتاب من يهود أو مسيحيين، رغم الطابع الإسلامي المسيطر عليها شعباً.

استحضرت بعض القصص والملاحم التي حوّر منها ما حوّر على حساب طائفة ما لتغير طريقا أو طرقا من طرقات التاريخ تقصدا ورغم ذلك كان المسلمون العرب في أشدّ عزّهم في كل الشعّب، حكموا مشارق الأرض ومغاربها كانوا كالبنيان المرصوص بعيدين عن الفرق، والطوائف، والمذاهب، يأخذون من نبع الإسلام عينه من كتاب الله، وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- دستوراً ومنهجاً لحياتهم الاجتماعية والسياسية والعسكرية.

سنة 1979م أدخل السوفييت الجيش إلى أفغانستان، فأشعل حرباً أحرقت الأخضر واليابس كما هو الحال في سوريا الآن وانتجت جيل متواصل النسل من الأمية والجهل والتشوهات الخلقية.

وقفت أناظر بين العرب الآن وسابقاً، وجدت الفوارق والشروخ الكبيرة البعيدة كبعد القطبين بدأت برأيي بتقسيم سايكس بيكو للوطن العربي الذي قطع العرب ووضع بين أبناء عروبتنا حقوق الأجانب، فيقلبهم رأساً على عقب، فنرى عربي الأردن يصرخ بقوميته وعربي العراق أو مصر ينادي بحزبه الحاكم، وعربي فلسطين يرفرف براية مقاومته، وكل عربي يغني على ليلاه ويعتز بدولته التونسية أو اللبنانية وغيرها من دول العالم العربي الواحد لغة ونسلاً وأرضاً والمشرذم دويلات ودول وحدود زرعت بيننا زقوم الحقد والكراهية والعداوة والبغضاء، ليدخل التقسيم البائدة والعاربة، والمستعربة ليكون تقسيم في الأساس في قلوب العرب وجيناتهم وعواملهم الوراثية لأنه تقسيم مدروس ومحبوك ومخطط له منذ القدم بل من قبل وعد بلفور بكثير الذي كان فتيل التجزؤ القومي والوطني والتشدق بالممانعة والمقاومة والاحتفاظ بحقوق الرد في الزمان والمكان المناسبين.

انتشر وباء التقسيم في الشرق الأوسط الجديد كما يزعمون ليصنع من الدول كالأعداد الأولية التي درستها في مادة الرياضيات التي لا تقبل القسمة إلا على نفسها أو العدد واحد أي لا تعاطف مع الدول الشقيقة ولا نصرة ولا اتحاد، وإن حصل ذلك فهذه كارثة قد تقلب موازين الأرض وتصنع نيلاً من الدم وفراتا ممزوج العداوة وحروب كحروب داحس والغبراء.

1979م أدخل السوفييت الجيش إلى أفغانستان، فأشعل حرباً أحرقت الأخضر واليابس كما هو الحال في سوريا الآن وانتجت جيل متواصل النسل من الأمية والجهل والتشوهات الخلقية إلى يومٍ الرب أعلم فيه بهدف دعم الحكومة الأفغانية التي كانت تتعرض لهجمات متكررة من الثوار الذين يعارضون السوفييت، وبتلك الفترة تطور مفهوم التقسيم واٌستنسخ منه تقسيم من نوع آخر، تقسيم شيطاني لعين يستهدف العرب المسلمين خاصة دون غيرهم لا الإسلام لأنه دين الله.

لتظهر فئة من فئات المسلم الجديدة، وهي المسلم المتطرف المتشدد الإرهابي الذي أراق الدماء ودق نواقيس حقوق الإنسان والحيوان أيضاً، وهاجم الأهداف المدنية قبل العسكرية كفزاعة 11 سبتمبر /أيلول عام 2001 التي أعلنت فيها الولايات المتحدة الأمريكية الحرب على الإسلام المتشدد الإرهابي الذي خلقته ليكون أولى الفرق التي شقتها عن الإسلام، وتكون تلك القسمة حجة في افتتاح أكبر فنادق ومصايف التعذيب الممنهج والموت البطيء وانعدام حقوق الإنسان في العالم كون معتقل غوانتنامو سلطة مطلقة يضم من تحسبهم أمريكا إرهابين فتنسى نفسها والمصيبة المبكية المضحكة أنّه لا إرهابي في الأديان إلا المسلم، ناهيك عن جرائم الحرب التي حصلت في اليابان والعراق وسوريا وإسبانيا قديماً والتي أنتم أدرى بمن اقترفها.

بتنا نسمع بأنواع حديثة قسمت المسلمين العرب بين شيعي وسني وصوفي ووهابي وو..، والأسوأ من ذلك في نفس الطائفة بتنا نشاهد فرق صغيرة تقسمها لماركات مسلمة عربية متناحرة في غالب الأمر متناقضة دائماً.

أصبح المسلم العربي متنوع رغم أن الإسلام واحد، لنسمع بعد مرور حيزّ زمنيّ بأنواع من المسلمين العرب، كالمسلم العربي العلماني الذي يعترف بإسلامه ويأمن بالله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- وما جاء به، وهذا المسلم يقيم الصفقات ويحل الأمور بقوانين وأحكام الفلاسفة، والمفكرين الشيوعيين الماركسيين، بقوله أن أحكام الله باتت شيئاً لزمان غابت عنه الحواسيب والأجهزة الذكية والثورة الفكرية التي باعتقاده أساسها العقل لا رب العقل، فيقول عن النقاب والحجاب تخلفاً وحجزًا لحريّة المرأة، وعن ربا البنوك فوائد وهدايا، وعن الخمر مشروبات روحانية، وعن المقاومة الفلسطينية إرهاب وعدو لحليفه وشقيقه إسرائيل دون التعمّق والمبالغة في الأمر وأنتم لهذا لبيبون.

لتستمر أحداث العالم وتمضي الأيام لتنبت بعد ذلك شجرة فريدة من نوعها للمسلم العربي، جمعت بين المتطرّف والعلماني، هي شجرة تميل لفيء العلمنة أكثر من شمس التطرّف إلا أن الاختلاف هو أنها تسمح لثمرها بالصلاة والصيام وتحريم قسم مما حرمه الله وتحليل آخر حسب الرغبة والفائدة التي تصب بمصلحتها، هي شجرة اصطنعها بنو الأصفر لتستخدم غالب الأمر لوضع فصائل مقاومة في القائمة السوداء أو في قائمة المعتدلين الذين يميلون لمصلحتهم.

الأمر ليس بالهين بل اتسع وأصبح له صدًا كبيرا بين المسلمين العرب غالباً، لنسمع بأنواع جديدة حديثة قسمت المسلمين العرب بين شيعي وسني وصوفي ووهابي وو..، والأسوأ من ذلك في نفس الطائفة بتنا نشاهد فرق صغيرة تقسمها لماركات مسلمة عربية متناحرة في غالب الأمر متناقضة دائماً فحديث رسولنا -صلى اللّه عليه وسلم شاملٌ لما كتبته حين قال: "أَلَا إِنَّ مَنْ قَبْلَكُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ افْتَرَقُوا عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وَإِنَّ هَذِهِ الْمِلَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ، ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ، وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ".

والحرّيّة لك، فإلى أي الماركات أنت تنتمي؟ وإن أردت إجابتي، فأنا عربي مسلم بلا ماركات!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.