والأغرب من ذلك أن البعض بدأ يقارن بين حالة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب والرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون الذي أثبتت التحقيقات أنه وضع أجهزة تسجيل في مقر الحزب الديمقراطي، وقام بتسجيل ما يرنو عن 64 مكالمة، في قضية عرفت لاحقاً باسم "ووترغيت"، وواجه فيها كثير من التهم إلى جانب تهمة عرقلة العدالة.
ترمب لم يستخدم أي وسيلة سوى التعبير عن رغبته بأن ينتهي التحقيق مع مايكل فيلين لأنه رجل جيد، وأن مثل هذه الأمور ربما تؤثر على موقع الرئاسة! |
ورغم أنه لا يوجد تشابه قانوني بين الواقعتين سوى أن الرئيس نيكسون واجه تهمة عرقلة العدالة، إلا أن البعض استطاع أن يربط بين قضية تم فيها العثور على جرائم فعلية وخطيرة وبين قضية يتم الاستناد فيها إلى تعليق الرئيس على تحقيق غير واضح المعالم! علماً أن الرئيس قال التعليق نفسه بشكل صريح على مواقع التواصل الاجتماعي في هاشتاغ ظاهر ولم يدّع أحد في ذلك الوقت بأنه يحاول عرقلة العدالة!
كما أن الرئيس كلينتون أيضاً عبر عن عدم رضاه عن التحقيقات التي أجرتها إدارته في عهد المدعي آنذاك جانيت رنيو، ولكن الجميع استطاع تذكر قصة الرئيس نيكسون التي حدثت قبل نصف قرن ولم يستطع تذكر قصة كلينتون التي حدثت قبل سنوات قريبة.
وعلى جميع الأحوال، فإنه لا بد من التوضيح، أن أغلب المحاكم الأمريكية لم تتوسع في تعريف جريمة "عرقلة العدالة" وتحديد شروطها، حيث ترفض أغلب المحاكم الأمريكية تطبيق أحكام هذه الجريمة على مجرد التحقيقات، وتشترط وجود إجراء قانوني معلق، وهو ما يعني وجود محاكمة أو جريمة مثبتة، وهو أمر لا يتوفر في هذه القضية.
قواعد الاتهام التي تطبق على الرئيس تطالبه بالإثباتات على عدم ارتكابه للجريمة وتعطيه حماية أقل من التي يتمتع بها المواطن العادي، لكنها في النهاية تشترط وجود جريمة، وهو ما لا يمكن استخراجه من شهادة كومي. |
يمكن القول إن مثل هذا التصرف يدخل في نطاق التصرفات غير المناسبة، والتي لا تليق بالرئيس، وأن ترمب يملك أهدافا شخصية من راء مثل هذا التصرف، لكن مجرد حديثه مع كومي بشكل شخصي وطلب مثل هذا الطلب لا يعد عرقلة للعدالة، على الأقل وفقاً للشروط التي يتطلبها القانون.
ورغم أن عملية عزل الرئيس وإقالته يمكن أن تتم حتى دون وجود دلائل فعلية على ارتكابه للجريمة، فقواعد الاتهام والإقالة للرئيس الأمريكي -كما هو معروف- لا تخضع لقواعد الإثبات القانونية أو حتى القانون الجنائي العادية، ذلك أن قواعد الاتهام التي تطبق على الرئيس تطالبه بالكثير من الإثباتات على عدم ارتكابه للجريمة وتعطيه حماية أقل من تلك التي يتمتع بها المواطن العادي في القانون، لكنها في النهاية تشترط وجود جريمة، وهو ما لا يمكن استخراجه من شهادة "كومي"، لكن يمكن استخراجه من وسائل الإعلام وأصحاب الضمير المنعدم الذي يوجهون التهم لخصومهم السياسين فقط لأنهم يختلفون معهم!