رأينا التفجيرات المروعة التي طالت كنائس الأقباط في مصر في حين يتغاضى البعض عن أهم أسباب استهداف تنظيم الدولة للأقباط خصوصاً دون الطوائف المسيحية الأخرى، تعامل تنظيم الدولة مع أتباع الديانة المسيحية بطوائفها الموجودة في العراق وسوريا ومصر وحتى أوروبا بطرق مختلفة.
نراه في العراق قد أجبر مسيحيي الموصل على النزوح بعد رفضهم دفع الجزية، في حين أرغم مسيحيي الرقة والقريتين في سوريا على دفع الجزية للبقاء في مناطق سيطرته، أيضاً لم نرى استهداف للكنائس المسيحية في أوروبا بالرغم من الهجمات الوحشية التي شنها التنظيم على مناطق حيوية في المدن الأوروبية.
في الطرف المقابل نرى التنظيم يستهدف الأقباط باستمرار دون تفريق بينهم، هذا ما يطرح التساؤلات حول المستفيد من زج الأقليات في الصراع المحتدم مع الجماعات المتطرفة وما سبب استهداف تنظيم الدولة لهذه الأقليات في منطقتنا العربية.
الأقليات الدينية بين مطرقة الأنظمة الحاكمة القمعية وسندان الجماعات المتطرفة
ما يتوجب على الأقليات هو الوقوف بالحياد والبعد عن الوقوع في فخ السياسة التي لا تبعث إلا الويلات وتزيد من نار الطائفية والمذهبية في المنطقة والتي ساهمت العديد من الجهات في إشعالها. |
لم تتوانى الأنظمة القمعية والدول الإقليمية على مر التاريخ عن استغلال ورقة الأقليات الدينية لأهداف سياسية، في حين وقعت الكثير من الأقليات الدينية في هذا الفخ دون أن تدرك أن الأنظمة القمعية تعمل على عزل الأقليات عن المحيط الشعبي وزج الأقليات في الصراع الدائر بين الأنظمة الحاكمة القمعية والجماعات المتطرفة.
المكاسب التي تحققها هذه الأنظمة من زج الأقليات هو الحصول على الدعم الدولي في مواجهة خطر الجماعات المتطرفة، وتحقيق مكاسب سياسية تزيد من شعبية النظام الحاكم، وإعطاء مبرر لقمع المعارضة السياسية والشعبية السلمية.
تنظيم الدولة يرى وجوب استهداف الأقباط وفق ما نشره في مجلة النبأ من تأصيل شرعي وفق زعمه، كما قد عُد الأقباط ليسوا من أهل الذمة لكونهم مُحاربون، هذا ما يدل على وحشية السياسة الشرعية التي يتبعها التنظيم في التعامل مع الأقليات في المنطقة، وقد أشار أيضاً بأن موالاة الكنيسة القبطية في مصر للنظام الحاكم في مصر هو مشاركة في الحرب ضد التنظيم، وهذا أحد أسباب الهجمات التي يشنها التنظيم على الأقباط الأبرياء.
إن استغلال الأقليات لأهداف سياسية ما هو إلا مشاركة في إزهاق أرواح الضحايا الأبرياء، ومحاولة لإغراق المنطقة في صراع ديني لكي يتغاضى الشعب عن القمع السياسي والضعف الاقتصادي وسوء الأحوال المعيشية ولتثبيت الحكم القمعي في البلاد، وما يتوجب على الأقليات هو الوقوف بالحياد والبعد عن الوقوع في فخ السياسة التي لا تبعث إلا الويلات وتزيد من نار الطائفية والمذهبية في المنطقة والتي ساهمت العديد من الجهات في إشعالها لتحقيق المصالح المرجوة منها دون أن تعبأ بالأرواح البريئة التي تزهق كل يوم في العراق وسوريا ومصر وغيرها.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.