شعار قسم مدونات

تحكم بعواطفك بدل أن تتحكم بك

blogs قلب

إن مبدأ الذكاء العاطفي بسيط جدا يعتمد على إعمال الذكاء في العاطفة ولكي نتعامل بشكل صحيح مع أي موضوع يجب أن نفهمه فهما صحيحا فلا يمكن أن نحسن التعامل مع عواطفنا إذا لم نفهم هذه العواطف. لقد خلق الله العواطف في نفوسنا من أجل وظيفة معينة وهي حمايتنا من الأخطار والحفاظ على وجودنا والارتقاء بهذا الوجود فعاطفة القلق مثلا وظيفتها أن تدفع بنا إذا وقعنا في مشكاة لكي نبحث عن حل لها أما عاطفة الخوف فوظيفتها أن تبعدنا عن الأخطار أما عاطفة الحب فهي تدفع بنا إلى التضحية في سبيل من نحب وكذلك عاطفة الغضب مهمتها أن تدفع بنا إلى الدفاع عن حقوقنا عندما يعتدى علينا وهكذا…

هذه العواطف تلعب دورها الإيجابي عندما تأتي في الوقت المناسب وبالشدة المناسبة أما إذا أتت بشكل أقل أو أكثر من المطلوب فعندها ستلعب دورا سلبيا في حياتنا. فمثلا إذا أصيب الإنسان بقلق لأتفه الأسباب فإن هذا القلق سينغض حياته ويحد من سعادته وقدرته على تجاوز المشكلات وأما إذا كان عكس ذلك لا يتعلق أبدا فهنا سيتحول إلى إنسان لا مبال وستسبب له هذه اللامبالاة الكثير من المشاكل وكذلك كمثل عاطفة الخوف، فالخوف الزائد يمنع الإنسان من الإقدام على أي جديد أما انعدام الخوف يجعل الإنسان متهورا ملقيا لنفسه في المهالك.

 

هناك قاعدة أساسية أستحضرها تتكلم عن الذكاء العاطفي تقول نحن لا نستطيع أن نقرر عواطفنا لكننا نستطيع أن نقرر ماذا نفعل حيالها فأنا لا أستطيع أن أقرر متى أغضب ومتى أخاف  لكنني أستطيع أن أقرر كيف أتعامل مع خوفي

والإنسان الذكي عاطفيا هو إنسان لا يتجاهل عواطفه ولا يكبتها وإنما يفهمها ويتعامل معها بطريقة إيجابية خلاقة إن تجاهل العواطف يشبه إغلاق جرس إنذار الحريق عندما يشب حريق في المنزل بدلا من الاتجاه إلى إطفاء الحريق أما كبت العواطف فيؤذي إلى مزيد من التوتر والاحتقان وينعكس سلبا على صحتنا النفسية والجسدية، والإنسان الذي يكبت انفعالاته بدل أن يفهمها ويتحكم بها يشبه ذلك الذي يغلق منفد البخاري في وعاء يغلي فيه الماء.

هناك قاعدة أساسية أستحضرها تتكلم عن الذكاء العاطفي تقول نحن لا نستطيع أن نقرر عواطفنا لكننا نستطيع أن نقرر ماذا نفعل حيالها فأنا لا أستطيع أن أقرر متى أغضب ومتى أخاف ومتى أقلق ومتى أحب ومتى أكره لكنني أستطيع أن أقرر كيف أتعامل مع خوفي وقلقي وغضبي وحبي وكرهي ومما لاشك فيه أننا مختلون في تركيبتنا العاطفية فهناك منا الحساس والهادئ والعصبي وهذا الذي يجعل من مهمة الذكاء العاطفي مساعدة الإنسان على فهم تركيبته العاطفية وترويضها والتعايش معها بحيث يحقق أكبر قدر ممكن من السعادة لنفسه ولمن حوله.

سأضرب مثالا واقعيا وجدته في أحد الكتب التي تتكلم عن نظرة جديدة في العلاقة بين الذكاء والعاطفة بحيث عملت على إسقاطها في حياتي اليومية بشكل كبير على فهمي لتركبتي العاطفية والعمل على ترويضها للتعايش معها في المقابل بدأت أحقق أكبر قدر مستطاع من السعادة لنفسي ولمن حولي وهذا المثال واقعي على شخص فهم عواطفه وتعامل معها بطريقة إيجابية خلاقة.

 

خرج محمود من منزله إلى عمله وقرر أن يمر في طريقه بدائرة حكومية لإجراء معاملة رسمية، قابله الموظف بجفاء شديد وعامله بطريقة أغضبته جدا عندما خرج محمود من الدائرة الحكومية فكر في أن اجتماعا مهما ينتظره في العمل وأنه إذا أدار هذا الاجتماع وهو في هذه الحالة من الغضب فلن يستطيع التركيز وسيكون اجتماعا فاشلا وكان باستطاعته تأجيل هذا الاجتماع لمدة نصف ساعة، اتصل محمود بالعمل وأخبرهم أنه سيتأخر نصف ساعة ثم قرر أن يترك سيارته أمام الدائرة الحكومية وأن يذهب ماشيا إلى مكان العمل فقد كان الجو ربيعيا جميلا وكان مكان العمل يبعد عن الدائرة الحكومية حوالي نصف ساعة مشيا على الأقدام، وصل محمود إلى مكان عمله وقد هدأت نفسه وأدار اجتماعا ناجحا كعادته فبنظركم ما الذي فعله محمود؟

أول خطوة نحو التحكم بالعواطف هي تسمية هذه العواطف فنحن لا نستطيع التعامل بذكاء مع الموضوع ما إذا لم تكن لدينا الكلمات المناسبة لوصفه والذين يجهلون قراءة عواطفهم يعيشون تحت رحمتها

لقد استوعب وطبق قاعدتين أساسيتين من قواعد الذكاء العاطفي وهما كالتالي:
أولا: أدرك عاطفته أي أنه يعرف ماذا يشعر ولماذا يشعر وما علاقة ما يشعر به بطريقة تفكيره وأفعاله، أي لقد قرأ محمود الحالة الشعورية التي كان فيها وهي حالة الغضب وأدرك أن هذه الحالة ستؤثر على إدارته للاجتماع.

والقاعدة الثانية: فهي التعامل مع عاطفته بطريقة إيجابية خلاقة لقد أدرك أن نصف ساعة من المشي في هذا الجو الربيعي كفيلة بإنهاء هذه الحالة وعرف ذلك من خبرته مع نفسه وعواطفه فربما تكون نصف ساعة هذه غير كافية لشخص آخر لذلك قرر تأجيل الاجتماع وترك السيارة أمام الدائرة الحكومية والسير مشيا على الأقدام فلو لم يكن ذكي عاطفيا لشغل سيارته بعصبية وانطلق مسرعا إلى الاجتماع ولأداره بعصبية ونزق ولفشل الاجتماع دون أن يعرف سبب فشله.

إن أول خطوة نحو التحكم بالعواطف هي تسمية هذه العواطف فنحن لا نستطيع التعامل بذكاء مع الموضوع ما إذا لم تكن لدينا الكلمات المناسبة لوصفه والذين يجهلون قراءة عواطفهم يعيشون تحت رحمتها وقد بينت عدة دراسات أن بعض الناس ممن يتمتعون بذكاء عقلي مرتفع وذكاء عاطفي منخفض عندما يسألون عن الحالة العاطفية التي يمرون فيها يعجزون عن تسميتها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.