شعار قسم مدونات

علماء بلا حدود (1)

blogs - college
هو أنموذج يتجاوز الحدود الجغرافية وأفاق التاريخ، يقتحم طوق التقليد والفقه المنحبس صاعدا إلى قمة العلم والهمة لتجاوز عقبة الواقع المأزوم المقطع أوصاله حيث اختلطت فيه المقدمات بالمألات. علماء بلا حدود ليس مقاربة النوع بل مقاربة الهمة والإرادة، أفق رجال ونساء رشحوا أنفسهم، لانتعال الثريا وتجاوز عقبة الخلاف والاختلاف لبناء صرح الأمة التي تدحرجت من الأعالي إلى الأسافل، فأصبحت كما نرى في (قممها)1.

علماء بلا حدود حاجة ضرورية علنا نطلع من الوهدة ونعيد عرى الوحدة بعد تاريخ الفتن وفي ظل واقع تعددت فيه مظاهر الانشطار والتصدع كما ونوعا، نسلط الضوء على بعضها لندرك حاجتنا الى هذا النوع الفريد الذي نقترح إعادة إنتاجه لأنه هو الأصل الأصيل، وما الاستثناء الذي نعيشه اليوم إلا نتاج الانحراف الخطير من انكسار لواقع الحرية والعدالة ودولة الإنسان إلى ما نحن عليه الآن والذي يمثل النقيض المطلق لكل هذه المفاهيم والأسس التي تبنى عليها الدول والحضارات. إن أبرز مظاهر هذا الانحراف والانحدار:

1-طاعون الاستبداد:

أصبح التمترس خلف المذهب مطية للدخول بِنَا في واقع ملغوم زاد من شرذمة الخريطة السياسية للواقع العربي والإسلامي، وأصبحنا أمام ظاهرة  الحرب بالوكالة (Proxy wars).

لا يمكن لمتتبع واقع الحال العربي والإسلامي أن يسم طبيعة الأنظمة المتحكمة فيه إلا بصفة السيطرة(Control)، لا المشاورة(Consultation)، واقع السيطرة هذا أو بالمفهوم (Concept)الأدق الاستبداد(dictatorship) هو ذاك المرض العضال الذي فتك بكل مقدرات البلاد والعباد، قتل معنوي لكل كفاءة أو إبداع، عائق عقبة تحد طاعون، والطاعون لا يترك عضوا أو جهازا داخل الجسم إلا وفتك به، وكم كان الكواكبي رحمه الله٢ صاحب "طبا ئع الاستبداد ومصارع العباد" دقيقا في وصفه حين قال(الاستبداد أشد وطأة من الوباء، أكثر هولاً من الحريق، أعظم تخريباً من السيل، أذل للنفس من السؤال !" ٣.

علماء بلا حدود تكون هذه هي مهمتهم الأولى التصدي لهذا الطاعون، تصديا سمته الرفق مع الإلحاح القوي توعية وتنويرا وتعبئة واستنهاضا أنه دون تطهير جسد الأمة من هذا الطاعون فلا أفق ولا تنمية ولا انتقال يكون إلى مصاف من هو قادر على طرح نموذجه وعرضه على العالم من موقف القوي المسموع كلمته.

2-مأزق الطائفية:

هو مأزق ثان خطير انزلقت إليه الأمة العربية والإسلامية، فأصبح التمترس خلف المذهب مطية للدخول بِنَا في واقع ملغوم زاد من شرذمة الخريطة السياسية للواقع العربي والإسلامي، وأصبحنا أمام ظاهرة أشد وأنكى من مجرد التمزق إلى حال الحرب بالوكالة (Proxy wars)، لهذا الفريق وذاك، ودماء تجري وأرواح تزهق لأ بناء المصير المشترك والعقيدة الموحدة، كلهم يقتل الآخر تحت صيحات (ألله أكبر).

ذهب العراق وأصبح ساحة صراع دولي، وتفتت وحدة اليمن، وأصبحت التغريبة السورية عنوان كالحا لوجه العالم العربي والإسلامي خصوصا والعالم برمته، أدخلت القضية الفلسطينية أم القضايا إلى ذاكرة النسيان . مشهد هو جزء يسير من الواقع النكد.

علماء بلا حدود هم حاملوا النداء وسط هذا الركام، ما ضاع منا كثير وأن ما بقي معرض للضياع إن لم يقف هذا النزيف، من خارج طوق التقليد ومن أعالي التاريخ لا من أسافله صوتا هادرا وحركة دائبة وهمة تناطح عنان السماء ويقين ثابت بغد مشرق.

______________________________________________________________
١-المقصود مؤتمرات القمة العربية

٢-الكوكبي عبد الرحمن (1271م-1855هـ-1320هـ/1902م)أحد رواد حركة النهضة ومؤسسي الفكر القومي العربي، عثماني الجنسية عربي العرق، الولادة بحلب والوفاة بالقاهرة.
٣-كتاب طبائع الاستبداد ومصارع العباد، الكواكبي عبد الرحمن.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان