شعار قسم مدونات

عريس مصري وعروس تركية

blogs زواج

حدثتكم في التدوينة السابقة عن عادات الخطبة التركية عند أهل قونية وقت التقدم لطلب يد زوجتي وهي عادات نجدها أيضًا في كثير من المدن التركية، واستكمل في هذه التدوينة سرد بقية العادات التي تشمل ليلة الحناء والزواج.

ليلة الحناء
بعد أسبوع حافل من التجهيزات وحجز قاعة الفرح وشراء جميع المستلزمات وصلنا لمراسم زفافنا وقد بدأت بليلة الحناء، ففي صباح يوم الحناء يُرفع العلم التركي أعلى بيت العريس ويكون ذلك بوجود حشد من الناس على هيئة احتفال صغير، ورفع العلم يعني إعلان بدأ مراسم الزفاف. في مساء ذلك اليوم يجتمع أهل العريس ويذهبون لبيت العروس من أجل ليلة الحناء، فتحتفل النساء برقصات وأغان تراثية، ولا يسمح بدخول الرجال إلى هذه الحفلة، وبعد الرقص والغناء تذهب العروس لتلبس غطاء للرأس بلون أحمر ثم تخرج على الضيوف تتقدمها واحدة تحمل بيدها صحن الحناء وهو محاط بشموع على أطرافه، ويتبع العروس فتيات صغيرات يرتدين تاجًا من الورود وبأيديهن الشموع الحمراء.

تجلس العروس في المنتصف وتدور النساء حولها بالشموع وهن يغنين، ثم يتوقفن ليضعن الحناء على يد العروس، إلا أن العروس ترفض فتح يديها حتى تضع الحماة فيها ليرة ذهبية ويوضع الحناء فوق الليرة ثم تربط يديها بغطاء أحمر خاص.

لا يرتدي أهل العروس الثياب المزخرفة كما لا يرتدي إخوان العروس البدلة، وذلك لأنه حتى لو كان اليوم يوم فرح إلا أنه اليوم الذي تخرج فيها الفتاة من بيتها وذلك يستدعي عدم المبالغة في الفرح

بعد وضع الحناء تبدأ النساء بغناء الأغاني الحزينة كي تبكي العروس حيث ستغادر منزل أهلها، ولا يرفع الغطاء الأحمر عن وجهها حتى تبكي، وبعدها تقوم العروس وتلبس بيجامة خاصة لليلة الحناء ثم تنام في حين يتفرق المدعوون، ومن طرائف ليلة الحناء أن والدتي حين رأت النساء يغنين الأغاني الحزينة لتبكي العروس، أخذت تداعب العروس محاولة إضحاكها قائلة بأنها لن تذهب إلى مكان غريب بل ستأتي عندنا، في حين أن هذا المكان الذي تتحدث عنه والدتي يقع في قارة أخرى.

الزواج
في صباح اليوم التالي يتجهز العروسان لحفل الزفاف، وهنالك الكثير من التقاليد الملفتة والتي تحمل دلالات معينة عند أهل قونية ومنها:

لا يرتدي أهل العروس الثياب المزخرفة كما لا يرتدي إخوان العروس البدلة، وذلك لأنه حتى لو كان اليوم يوم فرح إلا أنه اليوم الذي تخرج فيها الفتاة من بيتها وذلك يستدعي عدم المبالغة في الفرح. يكون للعروس مرافقتان إحداهما متزوجة كي تسدي لها النصائح والأخرى ليست متزوجة كي تخدم العروس، وكذلك الأمر بالنسبة للعريس، كما تقوم العروس بكتابة أسماء صديقاتها تحت حذائها ومن يمحى اسمها بالكامل نهاية اليوم فستتزوج سريعا.

يتم ربط بشكير (فوطة) على مرايا السيارات المشتركة في موكب العرس، كما يتم ترتيبهم تصاعديًا فالسيارة الأصغر في الموكب تكون في المقدمة وكلما كبُر حجم السيارة كانت في المؤخرة. حين يصل موكب العريس لأخذ العروس يجتمع محارم العروس ويربط أخاها شريطًا أحمر حول خصرها، ودلالة هذا الشريط أن العروس لم تتزوج من قبل، وتخرج من بيت أهلها وعلى خصرها الشريط الأحمر وعلى رأسها الغطاء الأحمر الذي استخدمته يوم الحناء. يقوم أهل العروس بمسك المرآة للعروس عند خروجها من بيت أهلها تفاؤلا بأن ينير عليها طريقها.

يكون جهاز العروس قد أرسل لبيتها قبل أيام من الزفاف إلا أنه يبقى صندوق لها فيه أشياء من جهازها يخرج معها في سيارة العريس، فيمتنع بعض الأطفال من تسليم هذا الصندوق للعريس ويجلسون عليه حتى يدفع لهم مبلغًا من المال، كما قد يمنع البعض العروس من الخروج كنوع من الدعابة حتى يستلم بعض المال من العريس.

بعد ركوب العروسين إلى السيارة يقف الأطفال أمام السيارة ولا يتحركون إلا بعد أن يرضيهم العريس ببعض الهدايا، وأصل هذه العادات أن العروسين قديما كانوا يُكرمون الأطفال في هذا اليوم ليرزقا بحياة سعيدة. وأثناء ذهاب العروسين في الموكب ينثران القمح من شباك السيارة وذلك لاعتقادهم بأن إطعام الطيور من الفضائل التي سيهنؤون بسببها بحياة سعيدة وقد يستقبل العريس عروسه في منزله وهو ينثر القمح والسكر والأرز.
 

قبل أن يدخل الزوجان بيتهما يوضع لهما إناءا فخاريًا مليئًا بالماء ويُطلب من العروس أن تكسرها؛ بما معناه أنهما سيتخطيان كل الصعاب معًا وأن حياتهما ستكون سهلة كالماء

قد يتم كتب الكتاب قبل يوم من الزفاف وقد يكون من ضمن فقرات الزفاف، ومن العادات أنه وبعد أن يوافق العروسين على الزواج وحين يعلنهما "موظف التزويج" زوجين فإنه من الشائع أن من يقوم بدهس رجل الآخر من العروسين فسيكون المسيطر في الأسرة، ومن الطريف أننا اتفقنا وزوجتي أن تدوس هي على قدمي إلا أننا وبعد أن أعلننا موظف التزويج زوجين نسينا الأمر تمامًا ولم نتذكره إلا حين شاهدنا فيديو العرس والكاميرا مسلطة على قدمينا.

ومن الطريف في العادات أن "النقُطة" (الأموال) تُقدم في حفل الزفاف أو الخطبة، وذلك عبر وضع شريطًا أحمر على رقبة العروس وشريط أبيض على رقبة العريس، ويتقدم المدعون إلى العرسان ويسلمون عليهما ثم يعلقون النقطة من نقود أو ذهب على الشريط بالإبرة، فيغطى العروسان بالأموال المتدلية على جانبي الرقبة. 

قبل أن يدخل الزوجان بيتهما يوضع لهما إناءا فخاريًا مليئًا بالماء ويُطلب من العروس أن تكسرها؛ بما معناه أنهما سيتخطيان كل الصعاب معًا وأن حياتهما ستكون سهلة كالماء، كما يحمل العروسين طفلان ذكر وأنثى كي يكون فألًا حسنا لهما. ومن الجدير بالذكر أيضًا أن يوم زفافنا كان يومًا مطيرًا وكان ذلك مما تمنته زوجتي إذ أن المطر في يوم الزفاف فأل خير عند الأتراك، إلا أننا غرقنا في كميات من المطر لم أشاهدها منذ أكثر من عشر سنوات في مصر.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.