شعار قسم مدونات

التعليم المغربي.. جرح نازف

Schoolchildren listen to a teacher as they study during a class in the Oudaya primary school in Rabat, September 15, 2015, at the start of the new school year in Morocco. Nearly three years after Taliban gunmen shot Pakistani schoolgirl Malala Yousafzai, the teenage activist last week urged world leaders gathered in New York to help millions more children go to school. World Teachers' Day falls on 5 October, a Unesco initiative highlighting the work of educators struggling to teach children amid intimidation in Pakistan, conflict in Syria or poverty in Vietnam. Even so, there have been some improvements: the number of children not attending primary school has plummeted to an estimated 57 million worldwide in 2015, the U.N. says, down from 100 million 15 years ago. Reuters photographers have documented learning around the world, from well-resourced schools to pupils crammed into corridors in the Philippines, on boats in Brazil or in crowded classrooms in Burundi. REUTERS/Youssef BoudlalPICTURE 40 OF 47 FOR WIDER IMAGE STORY
يحظى الجانب التعليمي في أي أمة متحضرة أو في طريق الحضارة بالمرتبة الأولى، لأن نهضة هذا القطاع وتطوره تعود نتائجها بشكل مباشر على كل الجوانب الأخرى، الاجتماعية، والاقتصادية والثقافية…

فهذا القطاع يقوم بتحويل المواد الخام إلى مواد قابلة للاستعمال، فكما لا يمكننا الاستفادة من الحديد أو الفوسفات أو البترول إلا بتحويله من حالته الخام إلى مادة أولية قابلة الاستعمال، فكذلك الشأن بالنسبة للتعليم، غير أن المادة الخام تختلف بين القطاعين فالتعليم مادته الخام هي الإنسان الذي هو المحور الرئيس لقيام باقي القطاعات.

وفشل هذا القطاع في تحويل إنسان جاهل وغير واع ولا يملك أية مهارات إلى إنسان واع ومتمكن من تخصصه ويملك رصيدا ثقافيا يمكنه من فهم واقعه والمساهمة في تطويره… ينعكس سلبا على باقي القطاعات لأن النواة الحقيقية (الإنسان) مصابة بعدم الكفاءة أو غياب الضمير …نتيجة لعدم اكتمال مراحل التحويل او عدم ملائمتها للمعدن الذي يراد صقله. إن وقوف قطاع التعليم بالمغرب على حافة الانهيار وتبوئه مراتب متأخرة في ترتيب جودة التعليم يرجع إلى عدة أسباب، أجملها في ما يلي حسب الأهمية:

1-غياب ارادة حقيقية للإصلاح

إن أغلب الإداريين والأساتذة يشتغلون بعقلية أنهم مجرد موظفين يبلغون المنهاج وينفذون تعليمات وزراه التربية الوطنية ولا ناقة لهم ولا جمل في تغيير هذه الأجيال المتعاقبة التي يدرسونها.

إن كل هذه الزوبعة التي تحدثها الدولة منذ سنين والتي لم تقدم التعليم أي خطوة للأمام بل ساهمت في تراجعه أكثر وأكثر، وهذا الأمر لا يخفى على أحد، حتى أن العاهل المغربي صرح بذلك في إحدى خطاباته حيث قال (إن ما يحز في النفس أن الوضع الحالي للتعليم أصبح أكثر سوءا، مقارنة بما كان عليه الوضع قبل أزيد من عشرين سنة).(خطاب 20 غشت 2013).

إن الأنظمة التي لا يسودها جو الديمقراطية فيها بين الحاكم والمحكوم تبقى دائما متوجسة من التعليم ومتخوفة من ينتشر الوعي ويعرف كل شخص حقوقه ثم يبدأ بالمطالبة بها مما سينغص على الحكام ومشاريعهم ومصالحهم التي يجنونها من وراء السبات الطويل الذي تنعم فيه الشعوب.

ولعل القولة التي تختزل كل هذا الأمر هو قول الراحل بورقيبة للقذافي: "لماذا تستثمر أموالك في السلاح ولا تستثمره في التعليم؟"، فكانت إجابة القذافي: أأعلّم شعبي كيف يثور علي في يوم من الأيام؟ فأجابه بورقيبة: يثور عليك شعب مثقف أفضل من أن يثور عليك شعب جاهل. فتجهيل الشعوب هو السلاح الذي تضمن به الأنظمة استمرارها.

2-التبعية للغالب واستيراد المنظومات الجاهزة
إن عقلية المهزوم تبقى دائما خاضعة وتابعة للغالب في كل المجالات، فالدول المتخلفة عاجزة عن صناعة قرارها بنفسها. بل الأصح انها لا تريد، لأن الطغاة هكذا يضمنون استمرار نسلهم على كراسي مصنوعة من جهل الشعوب.

فالعلاقة التي تربط الدول المتأخرة بالدول المتقدمة هي علاقة العبد والسيد، وعلاقة السفيه الذي لا يعرف كيف يتصرف بالعاقل الذي يدير له جل اموره. وهذه الأنظمة الخبيثة مثلها مثل الطفيليات لا تعيش إلا على غيرها، على فقرهم وجهلهم وتركيعهم…

3- التقلبات المناخية السياسية
بعيدا عن مركز القرار الأول وسياساته، ونزولا إلى ساحة وزرارة التربية الوطنية فهذه الأخيرة تشتغل بمنهجية (كل يوم ورزقه) فكل حكومة تعمل على إلغاء عمل سابقاتها وإبراز مكامن الخلل فيه. ثم تبدأ بمهاجمة القاعدة بدل الهرم، والتضحية بالصغار بدل الكبار، لتجد الأستاذ وادارة المؤسسة هي تلك الشماعة التي تعلق بها خيباتها وسوء صنيعها وتستر الناهبين الكبار والمرتزقين من جراح التعليم.

إن عقلية المهزوم تبقى دائما خاضعة وتابعة للغالب في كل المجالات، فالدول المتخلفة عاجزة عن صناعة قرارها بنفسها. بل الأصح انها لا تريد، لأن الطغاة هكذا يضمنون استمرار نسلهم.

ثم تعطي بعض الحقوق للتلاميذ تتجاوز سلطة الأستاذ وتتحدى إدارة المؤسسة تحت مسميات  عدة (محاربة الهدر المدرسي، محاربة العنف المدرسي… إلخ)، مع أن تلك الحقوق  تصلح لغير المدرسة المغربية ولغير التلميذ المغربي، فيصبح الأستاذ حلقة ضعيفة داخل المؤسسة وتتحطم نفسيته وينتقل من العمل الرسالي إلى العمل الوظيفي.

4 – طغيان الجانب الوظيفي على الجانب الرسالي
إن أغلب الإداريين والأساتذة يشتغلون بعقلية أنهم مجرد موظفين يبلغون المنهاج وينفذون تعليمات وزراه التربية الوطنية ولا ناقة لهم ولا جمل في تغيير هذه الأجيال المتعاقبة التي يدرسونها، ويكتفون بالبكاء والعويل على حقوقهم المسلوبة وكرامتهم المراقة. إن المعلمين شموس ينبغي أن تضيء ظلمة هذا الكون، وتزرع الخير في نفوس هؤلاء الناشئة رغم الصعوبة البالغة لهذا الأمر.

فهذه هي رسالة الأنبياء تضحية وبدل وعطاء…وتواجه دائما بالاستهزاء والسخرية ونكران المعروف…
فمن اختار طريق الأنبياء عليه أن يصبر على الشوك الذي يعترضه والكلام البذىء الذي سيلاحقه والنظرة الوضيعة التي ستتبعه من الحمقى والتافهين الذين ملئ الوطن بهم.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.