شعار قسم مدونات

ملك التطبيقات

مدونات - سناب شات
لو احتككت بأصحاب المشاريع الناجحة ورافقتهم وسألتهم عن بداياتهم لأخبروك أن البداية كانت مجرد فكرة خالجت سبات العقل أو جملة أنعشت طيات الفشل، وهذا ما حصل مع إيفان شبيغل أحد مؤسسي تطبيق سناب شات الذي أصبح من أشهر أثرياء العالم، حيث تقدر ثروته بأكثر من ملياري دولار أمريكي، فقد استوقفت شبيغل عبارة قالها له صديقه ريجي بروان بأنه يتمنى لو تختفي الصور التي يرسلها إلى صديقته، هذه الجملة البليدة أنجبت تطبيق سناب شات الذي تشير تقارير بأنه من أكثر التطبيقات استخداما على مستوى العالم حيث يقدر عدد مستخدميه يوميا بأكثر من مائة وخمسون مليون مستخدم، وتجاوزت قيمته السوقية أكثر من عشرين مليار دولار أمريكي.

انضممت إلى قائمة مستخدمي منصة السناب شات منذ أكثر من عام، ومن خلال متابعتي للعشرات من مشاهير عالمنا العربي من الفنانين والإعلاميين أو النجوم الذين صنعهم هذا التطبيق لاحظت تقلص الخطوط الحمراء التي رسمت من قبل المواريث الاجتماعية وتلاشي بعض التابوهات الأخلاقية.

بلمسة واحدة ستستطيع أن تقتحم حياة البشر وأن تفترش يومياتهم، ستكتشف أن ذلك الفنان صاحب الأدوار المثالية سقيم الثقافة وسطحي الإنسانية، وستتعجب كثيرا عندما تشاهد تلك الإعلامية وهي تستعرض قوامها بطريقة هوجاء لتظهر للمتابع منحيات عملية التجميل التي أجرتها مؤخرا، وستصاب بالصدمة من ترف مشاهد الاستعراض التي يمارسها بعض المشاهير من خلال الموائد والحفلات، خصوصا عندما تعلم أنه على بعد أمتار قليلة من هذه الموائد هناك أناس مخرهم الجوع والعوز..

لا يمكننا الإنكار أن هذا التطبيق "سناب شات"  يساعدنا على التوثيق اللحظي لمجريات الأحداث سحر خاص وبأنه يمنحنا جرعات متنوعة من الترفيه والمتعة والمعلومات، فالعديد يعرضون يومياتهم بطريقة محترمة ويختارون بعناية ما يتم نشره.

وستفاجئ برفاهية مصطنعة وبصداقات معلبة و"ببروتوكولات سنابية" مفخخة بالإيحاءات الجنسية وستدرك أن بعض هؤلاء المشاهير قد ارتووا ماديا حديثا حيث يقومون بتعويض مناخ القحط المادي الذي كانوا يعيشونه من خلال ما يبثونه عبر مقاطعهم فيهذرون بتصرفاتهم وبأحاديثهم، ولا تستغرب إذا ما قامت إحدى المشاهير بالصراخ والانكباب على إطلاق الشتائم والسباب بسبب أحد المتابعين أو أحد الخصوم.

لكن لا يمكننا الإنكار أن لهذا التطبيق الذي يساعدنا على التوثيق اللحظي لمجريات الأحداث سحر خاص وبأنه يمنحنا جرعات متنوعة من الترفيه والمتعة والمعلومات، فالعديد يعرضون يومياتهم بطريقة محترمة ويختارون بعناية ما يتم نشره من مقتطفات حيواتهم البذخة بالتفاصيل والمفاجآت، ويقدمون معلومات ونصائح ومقاطع تستحق التقدير ويروجون للثقافة والمعرفة والوصفات المنزلية والضحك بأسلوب راق ومنمق.

كتب أحدهم ذات مرة أن هذا التطبيق بالنسبة له هو ملك التطبيقات لأنه أصبح يشارك أبناءه الذين اختطفتهم الغربة لحظاتهم، بعد أن كان يبتهل الفرص ليألف الوحدة التي ألمت به، كما نجح هذا التطبيق بأن يفاجئ تلك السيدة الأربعينية التي لا تنفك عن ترديد عبارة "يكثر خير هالسناب شات"، فقد لجأت إلى جارتها الجامعية وسألتها بلهجتنا الأردنية "ايش هاظا السناب؟ "، وبعد عدة أيام علمت سبب فشل ابنها الأكبر بإنقاص وزنه فقد اكتشفت أنه يرتاد المطاعم والمقاهي بشكل يومي، وأن ابنها الأوسط على علاقة بفتاة أوروبية، أما ابنها الأصغر فكان يعرض مقاطع يتحدث من خلالها عن السفر وفوائده وعن السياحة وهو لم يركب طائرة في حياته.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.