شعار قسم مدونات

كركوك الذي يطمح إليه كردستان.. هل هي ملكهم؟

blogs - كركوك
الكرد يريدون الانفصال عن العراق وتكوين دولتهم الخاصة بهم، حقهم ولا مشكلة في ذلك، إذا كانت حدود دولتهم التي يطمحون إلى تأسيسها لا تتعدى حدود إقليم كردستان الآن. في الحقيقة ما يعرقل انفصالهم هو الاقتصاد، لا يملك الكرد مرتكزا اقتصاديا تتكئ عليه دولتهم الجديدة، لذلك لا بد من الذهاب أبعد من حدودهم ليجدوا تلك "العكازة" التي يتوكأون عليها وليهشوا بها فقر دولتهم، إذاً الذهاب إلى أين؟ 
الذهاب إلى أقرب منطقة غنية اقتصادياً وخطفها لضمان قيام هذه الدولة، ما هي أقرب منطقة غنية اقتصادياً؟ بكل تأكيد كركوك، فهي آخر منطقة في الشرق الأوسط يتوقع أن ينضب بها النفط، فضلاً عن الموارد الاقتصادية الأخرى.

ما يخدم الكرد لخطف كركوك هو وجود سكان كرد فيها، وإذا عدنا إلى تاريخ ما قبل حكم البعث ستجد الكُرد أغلبية بفارق ضئيل عن باقي المكونات، والتي لو توحدت لشكلت أغلبية واضحة، مثلاً في إحصاء ١٩٥٧ الذي يتفاخر به الكرد نجد نسبتهم في المحافظة هي 46 % فقط بينما شكلت باقي المكونات نسبة 54 %.

حربٌ داخلية بين الأحزاب الكردية من الممكن أن تكون هي سبباً آخر لإثارة قضية ضم كركوك إلى إقليم كردستان في مثل هذا الوقت، فالاتحاد الوطني الكردستاني بناؤه بدأ يعاني من شقوق وتصدعات.

وإذا عدنا تاريخياً إلى البعيد البعيد فستكون كركوك تركمانية، لأن أصولها وآثارها تقول ذلك، ولا شيء تأريخي يثبت أنها غير ذلك، واتفق كل المؤرخين على أن هذه المحافظة تأريخياً كانت تركمانية.

وإذا عدنا إلى التأريخ القريب القريب فستكون كركوك عربية نسبةً الى احصاء عام ١٩٩٧ الذي شكل العرب فيها نسبة 72 بالمئة بينما شكلت باقي المكونات مجتمعة نسبة 27 بالمئة فقط.

هذا كله ينفي الهوية الكردية لكركوك التي يحاول ان يصنعها الكرد، ويثبت بأن كركوك عراقية وأبنة العراق ولكل المكونات، وتركيبتها السكانية تتغير حسب تغير الحكم في العراق، تركمانية عندما كان العثمانيون يحكمون العراق، وكردية عندما كان عبد الكريم قاسم كردي الاصل يحكم العراق، وعربية عندما كان صدام حسين يحكم العراق.

مام جلال يقول "كركوك قدس كردستان" واصغر طفل كردية تسأله عن كركوك سيجيبك بـ "كركوك دلي كردستان" وهذه شعارات رفعها زعماء الكرد من اجل الحصول على ممولهم الاقتصادي وصدقها شعبهم المسكين.

ما يحدث في كركوك اليوم ليس غريباً او مستعجباً، فهذه هي فرصة الكرد لخطف "عكازتهم" الاقتصادية فالدولة العراقية في اضعف حالتها، لاتملك القوة الكافية لقتال داعش وأشعال حرب داخلية مع الكرد في آن واحد، بالمقابل يعتقد الكرد انهم يملكون القوى الكافية لإيقاف الحكومة العراقية اذا ما وقفت بوجههم.

الكرد لن يحصلوا على عكازتهم بسهولة، فمع كل قرار تصدره إدارة كركوك تعلو أصوات تركيا وإيران بقدر قوة ذلك القرار. المهم في الأمر هل فكر القادة الكرد في نتائج فشل هكذا قرارات مصيرية؟

حربٌ داخلية بين الأحزاب الكردية من الممكن أن تكون هي سبباً آخر لإثارة قضية ضم كركوك إلى إقليم كردستان في مثل هذا الوقت، فالاتحاد الوطني الكردستاني بناؤه بدأ يعاني من شقوق وتصدعات قد تدمر مستقبل هذا الحزب العتيق هذا من جانب، من جانب آخر هو لا يريد دولة تحت حكم الديمقراطي الكردستاني، لذلك حركة ذكية من محافظ كركوك قلبت كل الموازين، وجعلت الكرد يلتفون حول الاتحاد الوطني الكردستاني وإعادة شيء من هيبته المفقودة.

المناوارت لخطف كركوك بدأت تدريجياً قبل شهر ونصف تقريبا عندما سيطر أسو مامند مسؤول تنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني في كركوك على شركة نفط الشمال التابعة للحكومة المركزية، كانت تلك الحركة بمثابة جس نبض الحكومة العراقية، وعندما لم تلاق تلك ردة فعل حقيقة من بغداد، طمع الكرد بكركوك أكثر، وهذا ما دفعهم إلى رفع العلم الكردستاني بجانب العلم العراقي في المؤسسات الرسمية بمحافظة كركوك، سابقة خطيرة جعلت الحكومة تحس بخطورة الأمر، وأصدرت قرارا برفع العلم العراقي فقط، الكرد لم يبالوا لهذا القرار أصلاً، وذهب الكرد إلى قرارٍ أجرأ عندما صوت مجلس المحافظة على الاستفتاء لضم كركوك إلى إقليم كردستان، ليشعل بذلك صراعاً جديداً بين الحكومة والإقليم من جهة وبين الدول الطامعة في العراق والإقليم من جهة أخرى.

لذلك وعلى ما يبدو أن الكرد لن يحصلوا على عكازتهم التي يطمحون إليها بسهولة، فمع كل قرار تصدره إدارة كركوك تعلو أصوات تركيا وإيران بقدر قوة ذلك القرار. المهم في الأمر هل فكر القادة الكرد في نتائج فشل هكذا قرارات مصيرية؟ لماذا دائماً يدفعون بشعبهم إلى ما لا يريد؟

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.