شعار قسم مدونات

أردتُ نصفي الثاني طُموحي، وأرادوا عاداتِهم سِتراً..!

blogs - المرأة

تقول: "أجل هو مناسبٌ من منظوركم أنتم فقط، ووفقاً لمقاييسكم. إنّما أنا لن أرضى بشخصٍ يريدني خادمةً له ولمنزله، ذكرٍ يطمسُ أحلامي ويُسقط سقف توقعاتي وطموحاتي فيحطم بثقلها رأسي! إنّ الأمر الوحيد الذي يؤرِّق فكري هو أنني قد أصبحتُ عبئاً عليكم، -لا من حيث المادة فأنا ناجحةٌ في عملي ولديَّ مشروعي الخاص- حيث أنَّ كلام الناس بات يثقل كاهلكم، فابنتكم قد تجاوزت الثلاثين ولم (تصطد) عريساً بعد!".. ذاكَ كان صراعاً داخلياً أكثر من كونه حواراً بين طرفين.. فالنفس تريد، والمجتمع يريد، وتبقى أنتَ عالقاً في نقطةٍ معينةٍ يجتذبك الفريقانِ كالحبل المشدود إلى أن يفوز أحدهما.. أو ينقطع…!

انقطاعه يعني أنّك قد تحطمت من الداخل، وباتت مشاعرك المبعثرة وحشاً يفترسك ويزعزع سلامك الداخلي.. فهل ستستسلم…؟! في النهاية.. الخيارُ لك، وأؤمن دائماً بوجوب القرار بناءً على رغباتك لا رغباتِ الآخرين.. فهي حياتك، ووحدك من سيستفيد أو يتضرر من تلك القرارات…  قد تبدو هذه القناعاتُ مثاليّةً بعض الشيء.. إلا أننا جميعاً قد لاحظنا مع تغير الأجيال عبر الزمن أنّ الكثيرين يقفون في وجه المجتمعات والعادات والتقاليد -على اختلافها وفي أي زمانٍ وقارّة- ليكونوا (هُم) في أمكنةٍ وأوقاتٍ تريد دوماً جعلهم أشخاصاً آخرين.

ولذا تستطيع أن تكون واحداً منهم.. اهزم تلك الصراعات، وقرر تبعاً لصوتك الداخلي الذي سيرشدك إلى الطريق الصحيح وإلى السلام الداخلي الذي أعتبره أقصى درجات السعادة.. وعن تلك الصراعات يقول أ. أحمد الشقيري عند تكريمه بإحدى جامعات جدة: " أكبر مشكلة ستواجهكم هي صراعات النفس، وقدرة الشخص على النجاح داخلياً هي أهم من النجاح الخارجي -تخرج، وظيفة، مال-، والنجاح الخارجي لا يعني نجاحاً داخلياً، حيثُ الأخير هو الأصعب".. قد يبدو (التصالح مع الذات) وحل صراعاتها مفهوماً كمالياً وصعب المنال.. يظهر أيضاً كترفٍ لا يمكن الوصول إليه مهما نضجنا عقلياً وعاطفياً..
 

أشقُّ الحروب هي حرب الإنسان مع نفسه".. أجل.. قرر اليوم بأن تتصالح مع كل ما هو كائنٌ حولك، ثم غيِّر فيه ما استطعت بإيجابية بعد أن تتقبله تماماً وترضى عنه.. لأنّك قادر، لأنك قوي، وتستطيع.. أكيدةٌ أنا من ذلك

حقيقةً، الأمر ليس بتلك السهولة حقاً، إنما هو نِتاج سنواتٍ من الخبرات وتقويم أخطاء النفس والتحدث معها بشفافيةٍ تامّة، لا الهروب منها ومحاولة تجنبها بممارسة كل الأنشطة التي من شأنها أن تُحجِم العقل عن التفكير بأمرها…! لأضرب لكم بعض الأمثلة… تلك المرأة (القبيحة) بنظرهم وذاتُ الوزن الزائد.. ذاكَ (المُعاق) بمرضٍ أقعده.. وأولئك الذين يتعرضون للإحباطات وتهميش ذواتهم كل يوم.. قد شقَّ بعضهم طريقه نحو النجاح حينما تصالح مع ذاته ولم يكترث لنظرة المجتمع -التي تكون في أغلب الأحيان قاصرةً وعاجزةً أمام طموحه-.. وأمّا البعض الآخر فقد استسلموا لكم السلبية المحيطة بهم واتخذوا الطريق الأسهل.. طريق الفشل…! تلك المرأة هي (أوبرا وينفري).. ذاك الرجل المناضل هو العالِم الكبير (ستيڤن هوكينج).. أما أولئك.. فليسوا سوى كل من قرر بمليء إرادته أن يصبح (غُثاءً كغثاء السيل).. رقماً زائداً لا صعباً.. كتلةً تجعل الضغط على هذه الكرة الأرضية أكبر، دون فائدةٍ تُرجى منها…

يقول د. مصطفى محمود: "وأشقُّ الحروب هي حرب الإنسان مع نفسه".. أجل.. قرر اليوم بأن تتصالح مع كل ما هو كائنٌ حولك، ثم غيِّر فيه ما استطعت بإيجابية بعد أن تتقبله تماماً وترضى عنه.. لأنّك قادر، لأنك قوي، وتستطيع.. أكيدةٌ أنا من ذلك… ينتهي الحوار كالتالي: "لن أرضى بأقل مما أريده، نجاحي وطموحي أهم من أن أتخلص من نعتهم لي بالعانس، أنا لستُ ضد فكرة الزواج مطلقاً، إنّما سأرتبط فقط بمن لا يرضى لزوجته إلّا السماءَ السّابعة حداً"! وتبدأ الإنجازات.. وتُستهلُّ النجاحات.. لم تكن تلك الرائعة إلّا.. إلا كل امرأةٍ مستقلّة.. آمنت بذاتها وقدراتها ولم تكترث لتعقيدات المجتمع التي لا تنتهي..  فـ "رضا الناس غايةٌ لا تُدرَك، ورضا الله غايةٌ لا تُترَك، فاترك ما لا يُدرَك، وأدرك ما لا يُترَك"..

وأنت، ماذا ستقرر اليوم؟ أذكرك في النهاية بهذا الاقتباس الرائع "أشرق، حتى يرى الآخرون نورهم من خلالك".. وأعقِّب عليه… حتى يقودك النور في داخلك إلى حقيقتك المطلقة، وهي أنّك روحٌ تتوق لكل جمال.. وإن لم تجد هذا الجمال.. اصنعه فقط.. وستصبح السعادة ممكنة من جديد…..

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.