شعار قسم مدونات

مفهوم العدل بين الغرب والإسلام

blogs - Scales
لقد تعددت الرؤى في تعريف العدل، فبعضهم يفسره بالمساواة، ولكن العدل غيرالمساواة، فالمساواة بين المجتهدين والكسالى أمر يتأبى على أرباب الفهم السليم، والمساواة بين الناس جميعا مشروطة بتساويهم في إحسانهم، وإلا فالتعامل مع ذووا الجرائم يختلف عن ذوي الصلاح. والعدل في الشريعة الاسلامية قيمة مطلقة ولكي يتضح المعنى خذ هذا المثال .

الكذب (مذموم في شريعة الإسلام) ولكن هناك حالات يباح فيها الكذب كالإصلاح بين الناس ومدح الزوجة بالحسن والجمال وما إلى ذلك وفي الحرب والحرب خدعة. لكنك لن تجد نصاً يبيح لك التخلي عن العدل وإباحة الظلم في سلمك أو في حربك في قريب أو بعيد في غني أو فقير في عدو أو صديق فالعدل قيمة مطلقة أما المساواة فليست بالقيمة المطلقة.

إن الذي ينقص أي أمة هو العدل بمفهومه الإسلامي المطلق الذي لا يعرف ظلما تحت أي مبرر سواء كان حالة حرب تعيشها الأمم أو حالة عداوة يعيشها القلب.

وفي هذا يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى:- "إن الله أمر بالعدل من كل أحد على كل أحد في كل ظرف وكل زمان ومكان ونهى عن الظلم من كل أحد على كل أحد في كل ظرف وكل زمان ومكان". وفي القرآن من الآيات الكثير والكثير.

قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8)" سورة المائدة قال الإمام الطبري في تفسيره: وأما قوله: "ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا " فإنه يقول: ولا يحملنكم عداوةُ قوم على ألا تعدلوا في حكمكم فيهم وسيرتكم بينهم، فتجوروا عليهم من أجل ما بينكم وبينهم من العداوة. و قال عطاء: يقول لا تحاب في شهادتك أهل ودك وقرابتك، ولا تمنع شهادتك أعداءك وأضدادك.

و يقول الإمام فخر الدين الرازي:- واعلم أن التكاليف وإن كثرت إلا أنها محصورة في نوعين: التعظيم لأمر الله تعالى، والشفقة على خلق الله، فقوله: ( كونوا قوامين لله ) إشارة إلى النوع الأول وهو التعظيم لأمر الله، ومعنى القيام لله هو أن يقوم لله بالحق في كل ما يلزمه القيام به من إظهار العبودية وتعظيم الربوبية، وقوله: ( شهداء بالقسط ) إشارة إلى الشفقة على خلق الله .

إن الذي ينقص أي أمة هو العدل بمفهومه الإسلامي المطلق الذي لا يعرف ظلما تحت أي مبرر سواء كان حالة حرب تعيشها الأمم أو حالة عداوة يعيشها القلب أو حاله من تسول يعيشها قاضي يبحث عن سحت ليغير حكمه وفي هذا تأتي الآيات محذرة من انحراف كفة العدالة.

يقول الله تعالى:- "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ۖ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا ۚ وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (135) سورة النساء.
 

يقول الإمام فخر الدين الرازي: واعلم أن التكاليف وإن كثرت إلا أنها محصورة في نوعين: التعظيم لأمر الله تعالى، والشفقة على خلق الله.

يقول الإمام القرطبي في تفسيره:- لا خلاف بين أهل العلم في صحة أحكام هذه الآية، وأن شهادة الولد على الوالدين الأب والأم ماضية، ولا يمنع ذلك من برهما، بل من برهما أن يشهد عليهما ويخلصهما من الباطل، وهو معنى قوله تعالى: قوا أنفسكم وأهليكم نارا.

ويقول أيضاً:- وقوله تعالى: إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما في الكلام إضمار وهو اسم كان؛ أي إن يكن الطالب أو المشهود عليه غنيا فلا يراعى لغناه ولا يخاف منه، وإن يكن فقيرا فلا يراعى إشفاقا عليه . فالله أولى بهما أي فيما اختار لهما من فقر وغنى.

لقد اهتم الإسلام بتصحيح مسار العدالة. ففي القرآن والسنة تصحيح لفساد القضاة والشهود ووضع لقوانين ربانية لا انحياز فيها لطرف على طرف تنزيل من حكيم عليم.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.