شعار قسم مدونات

صوم الإعلام في بلاد الإسلام

مدونات - الإعلام

كثيرا ما نجد في المحيط الذي نعيش فيه والواقع المؤلم الذي يشكوا إلى حلول واقعية أو على الأقل التفكير بأدوات تبعده عن الحرب الإعلامية الطاحنة التي تدور رحاها في عالمنا العربي، وكيف أصبح الإعلام يتجه بهؤلاء الأفراد بين مؤيد ومعارض في كثير من القضايا وما أكثرها اليوم على جميع المستويات وبين متابع وناقد.

ومن بين المواضيع التي كنت أتابعها قبل أيام في إحدى وسائل الإعلام ضمن البرامج الصباحية اليومية، وكان اللقاء يدور حول الفرق بين الصيام والصوم وكيف يستطيع الإنسان أن يصبر على الطعام والشراب وكذلك الكبير والصغير على حد سواء، ولكن الأهم من ذلك هو الصوم بمفهومه الدقيق هو صوم جميع جوارحك عن الكلام المسيء والنظرة المحرمة والأمور التي خارج المألوف، وهو بذلك لا يقتصر على شهر بعينه وإنما يتطلب منك أن تصوم كل العام.

ما دفعني إلى كتابة هذا المقال الذي لربما تطرق عنه الكثير ولا أريد أن أتحدث في أمور الشريعة فـأتركها إلى أهل الاختصاص من أهل العلم وهم بدورهم يوجهون وينصحون في جميع الأعوام وقبل كل رمضان، وبين إدانة واستنكار وشجب على ما تقدمه وسائل الإعلام بأسلوب ممنهج تعكر صفو العبادة على المقبلين للطاعة والسعي إلى الاستزادة وطلب المغفرة. الإعلام الذي بات واضحا وعلى مرأى ومسمع الجمهور ولا أريد أن أتهم جهة بعينها وإنما أترك التقييم لكم ونوجه الكلام لمن يمتلك جزء من القيم والتعاليم التي حث عليها ديننا الحنيف ومن يدعي الاهتمام تجاه أهله ومجتمعه، ونحن نرى في كل عام كيف يحاول الإعلام المرئي والمسموع وكذلك المقروء ووسائل التواصل الاجتماعي برمتها ونحن أول المستخدمين لها ولا نبرء أنفسنا، وكيف نسيء التعامل مع وسيلة نستطيع من خلالها نشر الفضيلة وترك الرذيلة -حاشاكم- عن طريق ما يكتب وما يعلق وما ينشر من صور ومقاطع مرئية لا تمت لا إلى شرع ولا خلق.

صوم اللسان عن الكلام الذي لا يليق بأي إنسان يعتلي منابر الإعلام ويتكلم بهدف استهداف الآخر أو تستغل بعض القنوات الفضائية عن طريق برامجها التي تبث سموم الحقد والكراهية بين أبناء الشعب الواحد أو عرض الأفكار والآراء المخالفة.

ما أريد الوصول إليه كيف توجه القنوات التي تحسب على العرب والمسلمين برامج تخص هذا الشهر وتعكس صورة الإسلام على أنه مجتمع يبيح لك التعامل مع هذه البرامج أو يفسره الآخر أن دينهم يسمح لهم في مثل هذه الأشياء، وكما أرى في كثير من البلدان وأخص منهم البلدان العربية وشريحة كبيرة من الشباب الذين يصرفون أوقاتهم على مائدة البرامج التي تغير الفكر وتحرق الحسنات كما تأكل النار الحطب وتفسد بهدفها البيت وتغير الميول والاتجاه بين مقلد وراغب في التطبيق، وليست الأفلام التركية والهندية وباقي القنوات الخليجية والعربية عنكم ببعيد، ويختفي دور حارس البوابة وأعني في ذلك رب الأسرة وبعض القنوات الإسلامية التي تسعى إلى إصلاح المجتمع وان كنا نفتقر لها في الوقت الحاضر و نشكو من قلتها.
 

صوم اللسان عن الكلام الذي لا يليق بأي إنسان يعتلي منابر الإعلام ويتكلم بهدف استهداف الآخر أو تستغل بعض القنوات الفضائية عن طريق برامجها التي تبث سموم الحقد والكراهية بين أبناء الشعب الواحد أو عرض الأفكار والآراء المخالفة، وأعتقد تستطيع القنوات الفضائية أن تقدم الأفضل في كل عام وتصوم عن الكذب والشائعات وبث الرعب والخوف بين الناس لأغراض مادية أو متاجرة خارجية.

ما يزيد الأمر تعقيدا هذه الأيام أن القنوات الفضائية على اختلافها لا تجد لها حدود في عالمنا المعاصر ولا تمتلك أدنى حد من المسؤولية أو النظام الذي يفرض عليها أنها تلتزم به، ولكن بمجرد دفعها المبالغ المترتبة عليها من اشتراكها بعالم الأقمار أو دفع الضريبة في الهيئات الإعلامية لذلك تفقد مهمتها ورسالتها الإنسانية التي من المفترض أن تعمل بها. الإعلام في كل عام يروج لمشاريع وأهداف عن طريق الإعلان الذي يحاكي العاطفة ويتلاعب بمشاعر الجمهور ويتهيأ لقاعدة جماهرية يراهن على نجاحها منذ الوهلة الأولى ولدينا من الواقع ما يؤيد هذا القول التي ببرامجها جعلت من البيت العربي يتابع إلى حد الجنون وينقاد لسلوك وتصرفات الممثلين والفنانين حتى على مستوى الملبس والمأكل والفساد الأخلاقي الذي ينخر بمجتمعنا كل يوم.
 

رسالة الصائمين في هذا العام وفي كل عام إلى أصحاب الضمائر الحية ومن له كلمة والى جميع المؤسسات الإعلامية وإلى جميع الإعلاميين وأصحاب القنوات التي نقصدها والتي تسير على خطى ومنهج الغرب بدافع التحضر والتقدم وغيرها الذين أوصلوا المجتمع إلى ما هو عليه الآن أن يتركوا ما يطمحوا في الوصول إليه وأن يجعلوا من رمضان لهذا العام صوم وصيام:
 

1. صوم عن الباطل والكلام والفعل المسيء. وإفطار على كلمة الخير والفضيلة والمحبة.
2. وصيام لإطعام الضعيف والمسكين وإكساء أهلنا من وقع عليه البلاء من إخواننا في كل مكان فهم أحق بهذا المال أن يهدر لغرض غير نبيل، وأن نكون قدر المسؤولية، وأن نجعل من الإعلام مرآة تعكس أخلاقنا وقيمنا وتعاليم إسلامنا لنصرة ديننا والمحبة فيما بينا وجميعنا يقول "صوم اللسان يعمر الأوطان.. ويخدم الإنسان".

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.