كثير من الشباب في عالمنا اليوم لا يدركون أنهم شباب، هذا يعني أنك لا تدرك المغزى من كونك متقدا وقادرا على الإبداع.. لقد تحدثت مع أصدقاء كثر، معظمهم يشتكون من الحالة التي هم عليها، لا يوجد وظائف، الحكومة لا توفر لنا سكنا، المعيشة متدنية، لا أحد يساعدنا على العمل، وأشياء من هذا القبيل، ويتجاهلون أن في أنفسهم ما يمكن أن يشعل الكرة الأرضية بأكملها عشر مرات كاملات، الفكرة والحماس..
الإمكانيات: –
هذه الكلمة هي ما يختبئ ورائها الشباب اليوم، أين نجد الإمكانيات؟! والحقيقة التي أثبتها التاريخ أن الأفكار العظيمة قامت بإمكانيات هزيلة جدا، أنا هنا أتحدث اجتماعات لشباب في دار اسمها الأرقم وسط قوم يتربصون لهم الدوائر، ورغم ذلك أدت إلى انتشار السلم والعلم وانهيار أكبر دولتين في ذلك الزمان، ولعلكم تقولون أن القياس على المعجزة النبوية أمر صعب، إذن ماذا عن الطفل الذي قتل التتار أباه واختطفوه ليبيعوه عبدا، وفي زمن غير بعيد كان هو من يكسر شوكة التتار ويوقف زحفهم في عين جالوت، وماذا عن عبد الرحمن الداخل الذي دخل الأندلس وحيدا ليؤسس حضارة استمرت لقرون؟!
وأينشتاين الذي كان يحاول بطريقة ما أن يجد له موضع قدم في الجامعات، كان يعطي الدروس الخصوصية بمبلغ زهيد حتى أصبح أينشتاين صاحب الألف براءة اختراع العالم الذي ألهم العالم.. وإن شئنا تحدثنا عن الشركة التي بدأت استثمارها برأس مال قيمته ٦٠٠ دولار، حتى أصبحت الشركة التي تحبون أن تصنع لكم ألعاب الفيديو والشاشات والأجهزة الإلكترونية "سوني"، أو عن الشاب الذي كان ينام في مكتبه ليداوم صباحا فيها ويصبح بعدها بفترة وجيزة أثرى رجل في العالم..
إن التغيير والنجاح أيها الأصدقاء يحتاج إلى رؤية واضحة وحماس متقد، وهذان غالبا موجودان في كل شاب، البعض منهم قرر أن يلعب دور الفريسة وينتظر من يخلصه من براثن الوحش، والبعض الآخر يقرر أن يباغت الوحش بطعنة قاتلة |
في منتصف السبعينيات حاول شابان أن يحدثا ثورة في مجال الحواسيب، ونظرا إلى واقعهم آنذاك لم تتوفر لديهم شيء من الإمكانيات سوى مرآب سيارة وعقلان متقدان، أتعرفون أين تكمن المعجزة؟ المعجزة تكمن في أن هذين الشابين كانا ينافسان شركة تصل إيراداتها إلى ١٦ مليار دولار أمريكي، ولا تنسوا أننا نتكلم عن عام ١٩٧٦م، لقد استخفت شركة الحواسيب العالمية "IBM" بهذين الشابين استخفافا كلفهم بعد ذلك الخسارة في السباق مع الشركة الناشئة "آبل"..
إن التغيير والنجاح أيها الأصدقاء يحتاج إلى رؤية واضحة وحماس متقد، وهذان غالبا موجودان في كل شاب، البعض منهم قرر أن يلعب دور الفريسة وينتظر من يخلصه من براثن الوحش، والبعض الآخر يقرر أن يباغت الوحش بطعنة قاتلة، المسألة ترجع إلى قرارات داخلية، الإمكانيات الحسية تأتي بعد الفكرة، وإذا توفرت لديك الفكرة العبقرية ولديك من العزم ما يكفي، ستفعل تماما مثل ما فعل "ستيف جوبز" عندما قرر أن يوظف مدير كبرى شركات العالم "جون سكولي" الذي كان حينها مديرا لشركة بيبسي، قال له مقولة اشتهرت بعدها: "هل تريد أن تستثمر باقي حياتك في إضافة السكر إلى الماء، أم تريد أن تغير العالم؟!" قال ذلك وشركة آبل في ذلك الوقت كانت تعتبر قزمة أمام العملاقة بيبسي، فماذا في رأيك أجبر سكولي على أن يقبل عرض جوبز وينتقل إلى آبل؟!
أيها الأصدقاء افعلوا شيئا قبل أن تجدوا أنفسكم تعانون من العجز، العجز لا يصيب الجوارح فقط، إنه يصيب الدماغ أيضا، إن الإنسان يفقد قدرته على الإبداع مع تقدم سنه، هذه المعلومة لا تحتاج إلى أبحاث، الأمر واضح، انظروا من حولكم، متى هي آخر مرة رأيتم فيها كهلا يقوم بعمل إبداعي، إنهم يجيدون أشياء كثيرا ليست من ضمنها الإبداع، ويجدر بكم أن تفعلوا شيئا قبل أن تسلب الكهولة منكم الإبداع..
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.