شعار قسم مدونات

بيرزيت الليبرالية تنتخب الإسلاميين

blogs - جامعة بيرزيت

للمرة الثالثة على التوالي يتكرر ذات المشهد، فوزٌ ساحقٌ وكبيرْ لـ "كتلة الوفاء الاسلامية" الذراع الطلابي لحركة حماس يترك علامة للتميز هذا العام، له مؤشر كبير ودلالات سياسية ويعكس التوجهات السياسية والمزاج العام في الشارع الفلسطيني في الضفة الغربية رغم الحالة السياسية والأمنية التي تعيشها.

تتمتع جامعة بيرزيت بخصوصية بالغة عن باقي الجامعات الفلسطينية في محافظات الضفة الغربية، فهي الجامعة التي تجمع كل ألوان الطيف الفلسطيني بشتى انتماءاتهم وأفكارهم وتوجهاتهم الفكرية السياسية والأيدولوجية، فأصبحت تمثل مختلف الأطر والشرائح الطلابية على مختلف توجهاتهم وآرائهم، بل وتحاكي طبيعة المجتمع والشارع الفلسطيني.

بعد ثلاث سنوات متتالية من الفوز .. سؤال يطرح نفسه، لماذا فازت الكتلة الإسلامية وخسرت كتلة فتح "الشبيبة الطلابية"، وفي هذا المقام ووفق متابعتي اليومية للحملة الانتخابية التي سبقت يوم الانتخابات، وما روى لي من أصدقاء كثر في الضفة الغربية أن الكتلة الاسلامية استطاعت أن تكسب ود الجميع، شعاراتها كانت وطنية بامتياز، مشاريعها الطلابية خلال السنوات كانت لامعة في أوساط الجامعة، ورؤيتها الوطنية بالانفتاح على الجميع والتأكيد على الاصرار والاستعداد لقيادة المرحلة المقبلة لتقديم أفضل وأرقى النماذج.

يبعث هذا الفوز رسالة مهمة مفادها أن حركة حماس أكبر من أن يتم اجتثاثها أو استئصالها، مشروعها يتعاظم ويكبر ويقوى، مشروعها أعظم من أن يطاله أحد.

أما كتلة الشبيبة التابعة لحركة فتح والتي سقطت قبل أن تجري العملية الانتخابية بشكل فعلي في مناظرة جرت قبل يوم من ساعة الصفر، حين رفع مؤيديها صورة رئيس دولة الاحتلال السابق "شمعون بيريز" ورددوا شعارات "ارفعها" أكثر من مرة والتي أحدثت صدمة لدوى الأوساط الطلابية، كما أن شعاراتها لا تلامس الحقيقة ولا الواقع بصلة، فمن يعتمد ببرنامجه الانتخابي على سلطة تتعاون أمنياً مع الاحتلال لن يلقى القبول عند شعبه.

فوز الكتلة الإسلامية للمرة الثالثة على التوالي يعكس دلالات كبيرة أهمها تأكيد الطبقة الجامعية المثقفة من أبناء الشعب الفلسطيني بتأييدها برنامج وطريق حماس وخيارها في المقاومة رغم التحديات، وما هذه النتائج إلا تأكيد على انتصار نهج المقاومة، وأنه لا انحراف عن البوصلة رغم حالة اليأس التي يعيشها الشعب الفلسطيني نتيجة فشل مشروع التسوية واستمرار السلطة في خيار التعاون مع الاحتلال الاسرائيلي. فوز الكتلة الإسلامية للمرة الثالثة يشكل:

أولا رسالة للسلطة الفلسطينية 
بأن حماس في كل ما تمثله من أذرع هي حركة فلسطينية موجودة ولها قاعدتها وتأييدها الجماهيري والشعبي ولا يمكن بأي حال من الأحوال تجاوزها أو إنكارها أو تجاهلها، وأن الاستمرار في عقلية التفرد هو خطأ كبير يجب أن يصحح وأن حالة الاقصاء لا تبني وطن وأن المطلوب الايمان بمبدأ الشراكة على قاعدة الوطن للجميع .

أما الرسالة الثانية
وهي الأهم بعد هذا الفوز هي للمجتمع الدولي الذي لا زال يحارب حماس منذ فوزها عام 2006 ويفرض عليها حصاراً خانقاً مشدداً، أن لحماس حضوراً شعبياً وتأييداً كبيراً بل ويتزايد وأنها أصبحت تمثل خيار الشعب الفلسطيني الذي يحافظ على الحقوق والثوابت ويعمل من أجل استردادها، بل يرسل "الفوز" برسالة قوية مفادها أن كل محاولات احتواء حماس أو إلغائها لن تنجح، وأن المطلوب اليوم وبعد إصدار وثيقتها السياسية الجديدة هو الانفتاح عليها والجلوس معها والاستماع لها هو أقل تكلفة من حربها وعزلها وحصارها.

أما الرسالة الثالثة
التي ترسلها الكتلة في فوزها الساحق أن خيار الارادة الوطنية ينتصر على خيار الملاحقة والاعتقال وأن الحرية تتقدم على الاستبداد، وأن المقاومة تفوز وخيارها يتألق على خيار التسوية والمفاوضات والتعاون الأمني مع الاحتلال .

أما الرسالة الرابعة

فوز الكتلة الإسلامية للمرة الثالثة على التوالي يعكس دلالات كبيرة أهمها تأكيد الطبقة الجامعية المثقفة من أبناء الشعب الفلسطيني بتأييدها برنامج وطريق حماس وخيارها في المقاومة رغم التحديات.

التي يبعثها هذا الانتصار فيعكس مدى التفاف الشعب حول خيار حركة حماس ومدى جهوزيتها لخوض انتخابات شاملة ممثلة بالجامعات والنقابات وصولاً لانتخابات شاملة "رئاسية وتشريعية ومجلس وطني" وأنها على ثقة ببرنامجها ومدى التأييد الشعبي والاحتضان الجماهيري لخياراتها التي تنطلق من الصمود والتحدي والمقاومة والتمسك بكامل الحقوق والثوابت .

أما الرسالة الخامسة
فهي رسالة لكل رموز السلطة وحركة فتح أن خيار المفاوضات والتنسيق الأمني واللهث وراء إحياء عملية تسوية جديدة هو خيار المنهزمين والمفلسين وطنياً، لن يجلب حقوق ولا يحفظ كرامة وعليكم العودة للخيارات الوطنية ومشاركة حماس وكل القوى الفلسطينية في بناء هذا الوطن وتحريره والدفاع عن أرضه ومقدساته.

أخيراً
 يبعث هذا الفوز رسالة مهمة مفادها أن حركة حماس أكبر من أن يتم اجتثاثها أو استئصالها، مشروعها يتعاظم ويكبر ويقوى، مشروعها أعظم من أن يطاله أحد، وشعبها يأبى إلا أن يسير مع من قدموا خيرة قادتهم وجندهم على مسرح الشهادة وفي ميادين الأسر.

هنيئاً للشعب الفلسطيني بفوز الكتلة الاسلامية، وجدير بتعميم النهج الديمقراطي على كل القطاعات الفلسطينية، على أمل مع مرحلة جديدة وإحداث تغيير في الواقع الفلسطيني الذي لا زال يعاني الأمرين بفعل الانقسام والاحتلال، فالوحدة الوطنية هي الخيار للتخلص من الاحتلال الإسرائيلي.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.