شعار قسم مدونات

القول الفصل في آية المودة

blogs - قرآن
آية المودة من الآيات القرآنية التي يتعلق بها مدعو الحق الإلهي من المتشبثين بالجين السلالي، ويفترون بها على الله تعالى الكذب لأخذ ما ليس لهم بحق، ويغررون بها على البسطاء من الناس للوصول إلى أهدافهم السياسية والمادية، وكثيراً ما انخدع علماء وطلبة علم وأنصاف متعلمين بهذه الدعوى المستندة إلى هذه الآية الكريمة دون بحث أو استقصاء عن المعنى الحقيقي لها.

ولعل هذه الدعوى السلالية من الدعاوى التي اكتظ بها التراث السني من كتب الحديث والفقه والتفسير، وغفر الله لمن كان سبباً منهم في تسلل هذه الدعوى وأمثالها من الدعاوى إلى كتب التراث التي صارت حجة لأصحاب الدعوى يلجمون بها كل من يحاورهم أو يحاول تصحيح معنى هذه الآية الكريمة.

وقد أوليت البحث في هذه الآية اهتماما خاصاً للخروج بخلاصة مفيدة للمعنى الحقيقي لها آخذا بعين الاعتبار ما ورد في صحيح الحديث ومتجنباً من الروايات ضعيفها وموضوعها موقناً أنني سأتلقى سيلاً من السباب والشتم من المتعلقين بهذه الدعوى السني منهم والشيعي، ولا ضير فالحق أحق أن يتبع ورضا الله أولى من رضى البشر.

هناك من التابعين من انجرّ مصدقاً دعوى المتعلقين بهذه الآية مثل التابعي الجليل سعيد بن جبير أبرز تلاميذ ترجمان القرآن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما، ولكن ابن عباس نهره وزجره عن ذلك.

وبعد جهد مضنٍ في البحث توصلت إلى بطلان هذه الدعوى من أساسها وذلك للأوجه التالية:
1. أن آية المودة من آيات سورة الشورى، وسورة الشورى من السور المكية التي نزلت أثناء الدعوة بمكة قبل زواج علي بفاطمة وقبل ولادة الحسن والحسين رضي الله عنهم أجمعين، وهذا الوجه وحده يكفي لبطلان الدعوى من أساسها، إذ كيف يوصي الله تعالى قوماً مشركين بمودة من لم يظهر بعد على وجه الأرض وهم لم يؤمنوا بعد بمن هو ظاهر على الأرض رغم ما قدم لهم من الآيات والبينات.

2. أن هذه الآية كانت مثار جدلٍ منذ الصدر الأول للإسلام فقد روىالشعبيِّ قال: أكثرَ الناسُ علينا في هذه الآيةِ (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) فكتبتُ إلى ابنِ عباسٍ رضيَ اللهُ عنهُما فكتب إليَّ ابنُ عباسٍ رضيَ اللهُ عنهُما: إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم كان واسطَ النسبِ في قريشٍ، ولم يكن بطنٌ من بطونهم إلا وقد ولدوهُ، فأنزل اللهُ تعالَى (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ) أي: ما أدعوكُم إليه إلا أن تَوَدُّونِي لقرابتي منكم وتحفظُوني لها. (المطالب العالية: الصفحة أو الرقم: 4/153 صحيح).

لا أسألكم على هذا البلاغ والنصح لكم مالا تعطونيه وإنما أطلب منكم أن تكفوا شركم عني وتذروني أبلغ رسالات ربي، فإن لم تنصروني فلا تؤذوني بحق ما بيني وبينكم من القرابة.

3. كان هناك من التابعين من انجرّ مصدقاً دعوى المتعلقين بهذه الآية مثل التابعي الجليل سعيد بن جبير أبرز تلاميذ ترجمان القرآن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما، ولكن ابن عباس نهره وزجره عن ذلك فعاد سعيد رضي الله عنه إلى الصواب، والدليل على ذلك ما رواه البخاري في صحيحه قال: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن عبد الملك بن ميسرة قال: سمعت طاووساً عن ابن عباس: أنه سئل عن قوله تعالى (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) فقال سعيد بن جبير: قربى آل محمد، فقال بن عباس: عَجِلتْ، إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن بطنٌ من قريش إلا كان له فيهم قرابة، فقال: إلا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة.

4. أن المعنى الحقيقي للآية هو: قل يا محمد لهؤلاء المشركين من كفار قريش: لا أسألكم على هذا البلاغ والنصح لكم مالا تعطونيه وإنما أطلب منكم أن تكفوا شركم عني وتذروني أبلغ رسالات ربي، فإن لم تنصروني فلا تؤذوني بحق ما بيني وبينكم من القرابة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.