شعار قسم مدونات

الأدب المكشوف لا وزن له

blogs- الأدب
إذا ما رجعنا إلى منابع اللغة العربية باحثين في أعماقها عن كلمة "الأدب"، فإننا سنقف أمام تعريف أول كان عند العرب من أهل الجاهلية مفاده أن كلمة " الأدب" من مأدبة وقد اعتادت العرب في جاهليتها أن تطلق على الوليمة التي يدعون إليها الناس / مأدبة/ …، وكذلك سنقف أمام تعريف ثاني جاء بقدوم الإسلام، فقد تم التغير على مستوى المعنى لتصبح كلمة " الأدب " تعني ما هو حسن من خلق ومكارم.

يظهر ذلك من خلال حديث النبي صلى الله عليه وسلم 《 أدبني ربي فأحسن تأديبي. هذا وقد أخذ مفهوم الأدب في التطور والتحول انطلاقا من العصر الإسلامي الأول مرورا بالعصر الاموي والعباسي إلى عصرنا هذا الحالي، فأصبح الأدب يشمل كل تعبير راق يراد به تهذيب حياة البشر. فهل حقا يحقق الأدب مراده السامي الجميل مع رواده في عصرنا؟

العمل الأدبي أمسى حرفة الكثير من الناس في عصرنا، كل واحد منهم قدم ما عملت يداه، منهم من ابتغى الإصلاح وتقيد بفلسفة الصلاح، ومنهم من أفسد من حيث يدري أو لا يدري.

لا يخفى على كل مطلع متابع للساحة الفكرية والأدبية في عالمنا العربي والإسلامي هاته الصحوة المباركة التي نهضت من تحت ركام الخمول راغبة في تثقيف نفسها والهروب من شبح الجهل المخيم فوق أحلامها، فهذا يقرأ في كتب الأدب وهذا يقرأ كتب الفكر أو العقيدة وآخر يحاول الجمع بين ذلك ما استطاع. لكن هذا ليس من شأنه أن يبعد عنا ذاك الكم الهائل من الفوضى التي اعترت مفهوم الأدب وساحاته العملية.

لذا فإنك لا تلبث أن تفتح ذاكرتك في صباح كل أسبوع أو شهر… حتى تجد أمامك حشدا من العناوين والأعمال الجديدة التي هي كما يصفها الأديب المغربي ربيع السملالي "حمالات الحطب"، وقد صدق ورب الكعبة فإن بها مضامين لا تسمن ولا تغني من فكر وأدب، كل ما في بطونها جمل وكلمات خاوية على عروشها، فتجد ما يفسد الطبع ويعكر الفكر السليم ويعطل ملكة التفكير الإيجابي في مناحي الحياة كاملة… أما عن الإباحيات والأفكار المسمومة فظن شرا ولا تسأل عن الخبر.

 هل جن ابن المقفع حينما ألف رسالتي "الأدب الكبير والأدب الصغير" وهما عبارة عن رسالتان تحتويان على العديد من الحكم والنصائح الأخلاقية الراقية؟ هل كان الأديب أحمد أمين على غير صواب حين عرف الأدب بأنه "التعبير عن الحياة أو بعضها بعبارة جميلة"؟

الآن هنالك تشويه يشوب الأدب وغايته الإنسانية الأخلاقية تحت لواء حرية التعبير الهابطة أصلا!! ربما قد اختلط على أصحاب هذا القول الحابل بالنابل فذهبت أفئدتهم في هذا الأمر مذهبها هذا القبيح. إن فائدة الأدب من وجهة نظر كل عاقل هي أن يحاول الأديب من خلال أعماله أن يراسل شعور المتلقي بثبات وسكينة وحياء، وأن يهون على المكلومين في هذه الحياة، وفي اختصار بسيط، ما فائدة الأدب إن لم يكن مفتاح خير وحب وجمال للإنسانية في عالمنا الإسلامي وغيره من العوالم والمجتمعات؟

هنالك تشويه يشوب الأدب وغايته الإنسانية الأخلاقية تحت لواء حرية التعبير الهابطة أصلا!! ما فائدة الأدب إن لم يكن مفتاح خير وحب وجمال للإنسانية في عالمنا الإسلامي وغيره من العوالم والمجتمعات؟

العمل الأدبي أمسى حرفة الكثير من الناس في عصرنا، كل واحد منهم قدم ما عملت يداه، منهم من ابتغى الإصلاح وتقيد بفلسفة الصلاح، ومنهم من أفسد من حيث يدري أو لا يدري، وكل إناء بما فيه ينضح. برغم ازدياد عدد من سامو الأدب سوء التشويه فإنك تجد من بذلوا الغالي والنفيس من أجل رفعة غايته الأولى والأخيرة ألا وهي التعبير عن الحياة أو بعضها بعبارة جميلة كما قال أحمد أمين رحمه الله.

فما علينا وعليكم إلا الإقبال السريع على ما أنتجه هؤلاء العظماء وخلفوه من أثر إقبال المرأة على رضيعها عسى أن نكون امتدادا لهم وامتداد مساحة الفضيلة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية. دع عنك ما يسمونه بالأدب المكشوف فإنه مضيعة للوقت ومغلاق لنوافذ الحب الرفيع ومنابع الخير الخلقي، اهرب منه قدر المستطاع فلن يزيدك إلا غرقا في وحل الأفكار البالية.

أقبل على على كتب الأدب الرفيع التي لن تزيدك بفضل الله إلا جمالا في الحياة، أقبل على ما سيعلن الثورة على الرذيلة ويعلي من إنسانيتك ويرفع من شأنها على حساب جوانبها الأخرى الحيوانية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.