شعار قسم مدونات

ولدي عنيد.. ماذا أفعل؟

blogs- عناد

العناد
إن التربية الجيدة هي التربية التي تقوم على الفعل، وليس على رد الفعل، وعلى المعرفة، وليس على العشوائية. فما هو العناد؟ وما سنه؟ هل هو طبيعي؟ وما مظاهره وأسبابه؟ وكيف نتعامل مع الطفل العنيد؟ إن الطفل المطيع هو الذي يفعل ما يطلبه منه أبواه، وما تطلبه منه أمه في الوقت المحدد.
 

تقول الأم: قم الآن واذهب إلى سريرك فإذا رفض فهذا عناد، وإذا تأخر فتأخره عناد من نوع آخر، وإذا ذهب بتثاقل وتذمر وتجهم، فهذا لون ثالث، وإذا أبدى استعدادا لضرب من يأمره بشيء لا يريده أو شتمه، فهذا لون شديد من ألوان العناد ويبلغ العناد ذروته حين يفعل الطفل عكس ما يطلب منه، وتظل هذه عاده لديه إذا لم تعالج جيدا.

يأتي العناد أحيانا من شعور الطفل بالضعف الشديد، قد تكون نتيجة لما يريده الأب أو الأم في ابنهم بتوجيهاتهم المثالية والمطالب التعجيزية مع عدم علمهم بصفات وطبيعة كل مرحلة.

هل هناك مراحل عمرية قد يمر بها الطفل تتسم بالعناد؟
تشير الدراسات إلى أن العناد كثيرا ما يظهر لدى الأطفال بعد سن الثانية والنصف، ويشتد خلال السنة الثالثة والرابعة ويبدأ بالتلاشي عند سن الخامسة إذا أحسن الأبوان التعامل معه.

هل يوجد عناد طبيعي؟!
إن لكثير من مشكلات الأطفال وجها إيجابيا ودلالة حسنة، فإن القدر المعقول من الممانعة والعصيان، يرسل إلينا رسالة مضمونها:
أنه بدأ يشعر بنفسه، ويريد أن يستقل عمن حوله، ويريد أن ينظر له إنه يستحق الاحترام .

ما هي الأسباب التي تؤدي إلى مشكلة العناد؟ إن أهم الأسباب لعناد الأطفال قد تكون:
١- تقييد حركة الطفل وهذه القيود إما أن تكون "قيود مادية" مثل: ضيق المساحات وكثرة الأشياء والتحف التي لا يصح للطفل لمسها. أو "قيود معنوية": وهي متمثلة في عدم محاورة الطفل، و عدم التواصل معه، وضعف الاهتمام به.
٢- يأتي العناد أحيانا من شعور الطفل بالضعف الشديد، قد تكون نتيجة لما يريده الأب أو الأم في ابنهم بتوجيهاتهم المثالية والمطالب التعجيزية مع عدم علمهم بصفات وطبيعة كل مرحلة.
٣- عدم تلبية الاحتياجات الملحة للطفل تحوله إلى شخص عنيد.
٤-لتقليد الكبار نصيب في دفع الطفل إلى أن يكون معاندا.

كثير ممن يسألون عن مشكلة العناد يسألون هذا السؤال: كيف نتعامل مع طفلنا العنيد؟
فلا تصل إلى هذا السؤال قبل أن تقرأ ما سبق.. قرأت ما سبق؟ قال رسول الله -صَلى الله عليه وسلم- "كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه، أو يمجسانه" ففطرة الإنسان لديها الاستعداد لقبول الخير والشر، وأنت من تغرس في أبنائك. ونقول هذا لأغلب أولياء الأمور.

فقد تبين لنا من الحديث عن أسباب العناد أنه مكتسب بسبب التعامل الخاطئ مع الطفل، أو بسبب الظروف غير المؤاتيه التي يعيش فيها، ولذلك:
أولا، نشير إلى عناصر مهمه يجب أن نلتفت إليها وهي إن البيئة التربوية لها عامل كبير في نشأة سوية نفسية وسلوكية، أو وجود مشاكل نفسية وسلوكية لديهم، فيجب الإشارة إلى بعض الأمور المهمة التي تؤثر في ذلك:

لا تحصر ابنك في زاوية ضيقه، فلا تطلب منه أمورا بسرعه وبلهجه صارمه بل اترك له خيار أو بديل، ومن الأفضل أن ترسل له تنبيهات لأفعاله.

١- المعاملة بالمثل، عندما نستجيب لطلبات الطفل -العادلة والمعقولة- يشعر بالامتنان لنا، وكثيرا ما يكون هذا الامتنان بالاستجابة لطلباتنا.

٢- التواصل المستمر، يحتاج كل الأطفال إلى الشعور بعطفنا وحبنا واهتمامنا بهم، ولهذا فإن تخصيص الأب والأم وقتا يوميا -ولو عشر دقائق- للتواصل مع أولاده، ومداعبتهم والسؤال عن أحوالهم.. من الأمور المهمة جدا في تقليل رفض الأبناء لما يطلبه منهم، تماما كحال الأصدقاء معا، فإن الصديق لا يرفض طلب لصديقه الحميم.

٣- خطاب لطيف، فيجب أن يكون خطابك واضح، حازم، لطيف ولا تقل أنه غير نافع. يقول أحد الشباب، لا أذكر أنني وقفت أمام أبي موقف مجابهة، أو عصيان، مع إنني أكبر إخوتي، وكانت احتياجات أبي وضيوفه كثيرة جدا، لكن دائما ما كان يخاطبني بأسلوب دمث رقيق.. وطالما قال لي "لو سمحت يا خالد، من فضلك، أعرف أنني أثقلت عليك بكثرة الطلبات، ولكن شهامتك تشجعني على أن أطلب منك مالا أطلبه من غيرك" إنه يحرجني بكلامه، وأنفذ ما يقوله وأنا راغب وبحماسة شديدة..
 

٤- لا تحصر ابنك في زاوية ضيقه، فلا تطلب منه أمورا بسرعه وبلهجه صارمه بل اترك له خيار أو بديل، ومن الأفضل أن ترسل له تنبيهات لأفعاله، مثلا أن تقول له "سوف تذهب للنوم بعد ١٠ دقائق"، أو تخيره عندما تطلب منه فعل شيء بأن تقول له "أتحب أن تأتيني بشيء ما الآن أم بعد عشر دقائق ؟"، واذا شعرت بتذمره ورفضه لشيء، فتقول له "أرجوك أن تعبر عن ذلك بصوت مسموع وبطريقة هادئة".

ثانيا، التجاهل: ونعني بالتجاهل هنا أن نتغاضى عن الموقف المعاند للطفل، وكأن شيئا لم يكن .
ثالثا، اُسلوب المكافأة: تشير الكثير من الدراسات على أن قدرة العقل البشري على إدراك السلبيات أعظم بكثير من إدراك الايجابيات، ومن هنا فإننا نرى عيوب أبنائنا بسهولة، أما رؤية إيجابياتهم، فتحتاج إلى اهتمام وانتباه.

يجب أن تكون مرنا في عقابك بما يتناسب مع عمر الطفل، والظروف التي يمر بها، و الأحوال البيئية التي يتواجد فيها، وبالصبر والمثابرة يمكن لأمور كثيرة أن تزول وتتغير.

رابعا، العقاب: لا يستغنى أي مربٍّ مهما كان ابنه هادئا ومتفهما عن استخدام العقاب في بعض الأحيان، والذي لا يعني "الضرب واستخدام العنف معه" فإذا كانت المكافأة تجعل الطفل يشعر بفوائد الطاعة، فإن العقاب يجعله يشعر بأضرار العناد، إليك بعض الأفكار للعقاب ولكم الابتكار:
 

١- الذهاب إلى النوم يكون في الساعة التاسعة، وإن كل ربع ساعة تأخير تقابل الذهاب قبل الموعد المحدد بعشرين دقيقه في اليوم التالي.
٢- في كل مرة يرفض أداء المهمة المكلف بها يتم حرمانه من مصروف يوم في الأسبوع التالي.
٣- إذا تأخر عن الموعد المحدد العودة إلى المنزل مدة تزيد عن نصف ساعه، فإن من الممكن أن تكون العقوبة حرمانه من الذهاب مع أصدقائه في يوم قادم.
 

يجب أن تكون مرنا في عقابك بما يتناسب مع عمر الطفل، والظروف التي يمر بها، و الأحوال البيئية التي يتواجد فيها، ومن المهم ألا ننظر إلى عناد الطفل على أنه شيء مؤقت سوف يزول حين يبلغ السادسة أو السابعة؛ فالدراسات الكثيرة تدل على أن إهمال معالجة العناد قد يجعل الطفل عدوانيا أو مضطربا نفسيا، حتى بعد أن يتجاوز العشرين. بالصبر والمثابرة يمكن لأمور سيئة كثيرة في حياة الصغار أن تزول، وتتغير.
____________________________
المصدر: مشكلات الأطفال د. عبد الكريم بكار. 
للاستزادة:
١- مشكلات الاطفال د. عبد الكريم بكار دار السلام
٢- ما لا نعلمه لأولادنا في جزء "معا نحو طفوله سعيدة" ، الطفل العنيد .د. عبد الكريم بكار . دار السلام
٣- ولدي صعب ماذا أفعل دار الفراشه

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.