شعار قسم مدونات

البنات قديسات والرجال حطب النار

مدونات، التحرش

سرعان ما دخل وطننا العربي في مضيق مظلم ليس له أول من آخر. مضيق العنصرية والطبقية وغيرهم من الأمراض المسمومة التي كانت في الماضي شبه معدومة في ثقافتنا العربية (الشرقية). حتى إن عالمنا العربي عاش عصوراً مستقوى بثقافته بل وكان يحكم ويغزو بها العالم. هذه الشبكة العنكبوتية العالمية وشبكات التواصل الاجتماعية والتقدم العلمي متسارع الوتيرة هذا، أدى إلى انفتاح الثقافات الغربية والشرقية، بشكل مخيف وسريع للغاية.

فظهر نتيجة لهذا الانفتاح السريع، بعض الثقافات المُهجنة. ففي فترة (1990-1919) كثُرت هذه الظاهرة -التهجين الثقافي- بشكل مبالغ فيه وكانت هذه الظاهرة أساس لقنبلة ثقافية موقوتة انفجرت بعد 1990م. حتي إني أُسمي سرعة تكاثر هذا التهجين الثقافي بالسرطان، خلية سرطانية في جسد الوطن العربي سريع الانتشار والنمو.

حزب المرأة مستعد أن يتعرى سواء التعري بمفهومة اللغوي أو التعري بالألفاظ الخادشة أو بالملابس المخزية لأنها عصرية، أيضاً يزعم أنها حرية أصيلة له في التعري وأنه واجب على الرجل غض البصر والسمع

أما وإننا في وطن يعيش هذا التهجين الثقافي، يحبو في ممارسة الحرية، يحبو في ممارسة عدل العولمة، يحبو في ممارسة العولمة أساساً، يحبو في كل شيء غربي. أرى هذا الكائن الضعيف (المرأة) يمارس دوره كقديس في كل فرصة، ويلقي باللوم على الرجل من ضعفه في أي أمر. هم قديسون يفعلون ما يحلو لهم وتزود الحرية مبرر منطقي لهم لكن الرجال هم شياطين ملعونون يخافونهم لهمجيتهم. صرنا مجتمعاّ يميل للتطرف الفكري في كل شيء وكأنه كان ينقصنا تفرق حتي انقسمنا لحزب رجال ونساء، رجل يبرر أي قذارة يفعلها تحت راية ومبرر الحزب الآخر وهو حزب المرأة.

حزب المرأة مستعد أن يتعرى سواء التعري بمفهومة اللغوي أو التعري بالألفاظ الخادشة أو بالملابس المخزية لأنها عصرية، أيضاً يزعم أنها حرية أصيلة له في التعري وأنه واجب على الرجل غض البصر والسمع! كأن الله دعا لغض البصر ولم يدعُ للحشمة مثلاً. دعوني أنتقل بكم لأعماق أكثر ظلمة، ترانا الآن أصبحنا مقسمين طبقات ومصنفين باللون والأديان، وحتى في كل دين أصبح لنا تصنيفات عدة وكأننا آلهة، هناك من هو متدين تقليدي شرقي، وهناك العصري المُتغرب الذي يعيش العولمة، وهناك هذا المتدين العصري وهو ما نسميه بالوسطي الجميل على حد تعبير الكثير.

في هذا المقال المستفيض سأتناول شقاً واحداً باستفاضة ممنَ تأثر بسرطان التهجين الثقافي هذا، وهو شق المرأة. فالمرأة على مر العصور العربية -الشرقية- عانت من سلب الحقوق والتقهقر والتحرش وأصبحت تأتي في دور الضعيف! أكاد أجزم إن وطننا وإن عاش عصور قوة وتقدم في فترات من الزمان فذلك لأن المرأة كانت تتمتع بحريات وحقوق صاحبتها أدوار بارزة في السلطة ومناصب ريادية واتخاذ القرارات. فعموماً قوة أي فريق من قوة أضعف فصيل به. أكتب هذه المقدمة المستفيضة كي أمهد لتناولي موضوع شديد الحساسية وهو (التحرش) وإن جئنا لتعريف لفظ التحرش عموماً من وجهة نظري المتواضعة، هو تعدي "أ" على "ب" في حقوقه أو التسبب لأذي معنوي أو مادي له سواء بسيط أو جسيم. فللتحرش أنواع كُثر.

عزيزتي الأسرة العربية (الشرقية)، أدعوكي لفتح الحوار وتطوير عاداتك وتقاليدك. الحياء له أعراف والأعراف لها حدود ونتيجة لهذا السرطان صارت وتضاعفه المسئولية على عاتقك.

-التحرش بحقوق الإنسان وحقوقه في الزواج: أزعم أنه السرطان الأم لجميع وباقي أنواع التحرشات المؤذية أو الغير مؤذية وظهرت هذه الحشرة من رحم التهجين الثقافي فصار العربي لا يفكر سوى بالمال والطبقية العنصرية كأن مصر ليست بلداً فلاحة بالأساس! والخليج ليسوا بدواً بالأساس! لماذا الخجل من الأُصول؟ ولأننا في مجتمع (متدين بطبعه) إسلامي مسيحي فالعلاقات الحميمية لا تأتي سوي بالزواج على عكس الأمم العلمانية. فالتكاثر والتفكير الجنسي عموماً هو غريزة فطرية لكل من الرجل والمرأة كالأكل والشرب والإحساس. لكن كفلت الأديان السمأوية سمو هذه العلاقات ورقيها والخلود بأنها مبنية على المودة والرحمة. التفكير في الزواج -وإن كان يغيب على الكثير من الأهل- ليس (هدفاً) فالزواج ليس هدفاً، الزواج أساس لأهداف. قمع هذا الحق من الأمة تحت شعارات التصنيفات والطبقات خلقت حشرات طفيلية مفترسة.

-التحرش باللفظ أو اللمس: هو وليد الصمت الأُسري الشديد نتيجة لما أسميه بالـحياء السلبي المدمر. يعتقدن أن فضح المتحرش هو من شيم فقر الحياء، يا إلهي! تراكمات نتيجة لأنفلاتات وعدم المعالجة وتطوير عادتنا وتقاليدنا القديمة التي مازالت تعيش عصور الجِمال والخيام. حتى إن البعض من فجوره يعتبر التحرش حرية! مثلما تعتبر المرأة العارية أن عريها حرية. هنا دعوني ألقي باللوم على الرجل والمرأة والأسرة.

عزيزتي المرأة، الحشمة أمر في كل الاديان، وحتي في المجتمعات المتبرجة المتعولمة هناك ملابس للسهرات وملابس للمدارس وملابس للتسوق كما هو في الأحذية. هل هو مقبول ان تمارسي رياضة العدو بحذاء عالي الكعب؟ هل هو مقبول أن تذهبي لحفلة بحذائك الرياضي؟

عزيزي الرجل، غضُ البصر أمرُ في كل الأديان، وحتي في العولمة وال "ايتيكيت". لأنك صاحب القوة يقع على عاتقك أمر المروءة والرجولة فكل مرأة هي أمك أختك ابنتك! عليك الدفاع عنها وأن تزود عنها حياتك في سبيل أمنها وحمايتها.

عزيزتي الأسرة العربية (الشرقية)، أدعوكي لفتح الحوار وتطوير عاداتك وتقاليدك. الحياء له أعراف والأعراف لها حدود ونتيجة لهذا السرطان صارت وتضاعفه المسئولية على عاتقك. أنتي أسرة من الممكن أن تُخرجي نحلة عسلها يشفي المجتمع أو حية سمها يسمم الأمة بأكملها! (المرأة نواة الأسرة، هي القادرة على بتر السرطان الذي ينهش في جسد الأمة).

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.