شعار قسم مدونات

مدير فئة "أ"

blogs موظف

كان يقول لي صديقي: "مديري لا يثق بي ولا بعملي، يتخذ القرارات منفردا، ويطبخها في مكتبه لوحده، لا يرغب بتفويض المهام، ويتحكم بكل تفاصيل العمل"! في نظريته حول الأشخاص ذكر طبيب القلب ماير فريدمان بأن هناك نوعاً من الأشخاص – من المدراء أو غيرهم – هم الأكثر عرضة للجلطة وأمراض القلب نظراً لطبيعة تقييمهم للأمور وتعاملهم معها.

 

هذه الشخصية أطلق عليها فريدمان لاحقاً اسم "فئة أ" أو "شخصية أ"، وهي حسب وصف فريدمان شخصية عدوانية، متحكمة ومغرورة، قليلة الصبر وشديدة التنافس، ولكنها في نفس الوقت طموحة، تسعى لتحقيق الأهداف ولا تحب تأجيل الأعمال. هذه الشخصية هي مثال للشخصية الديناميكية التي تعمل بلا هدوء، وتتحرك من مشروع لآخر، لكنها لا تأبه للآخرين ولا تراعي مشاعرهم، ولا حتى ما يقولونه عنها.

 

الشخصية أ تتعب الموظفين ممن يعملون معها، لا تهتم بخصوصيتهم، ولا تراعي شؤونهم، تنظر لأهدافها وتسعى للحصول عليها بأسرع وبأي طريقة. شخصية لا تثق كثيراً بغيرها، تسعى للعمل لوحدها، وتتخذ القرارت بدون العودة إلى أي أحد، تنظر للآخرين على أنهم أقل شأنا وفكراً وقدرة، ولذا تتجاوزهم عند الاختيار، لأنها ترى أنها أقدر منهم على اختيار الأنسب.

 

إذا ما تعرضت للعمل مع مدير أو قائد من الفئة "أ"، فلديك فرصة مناسبة لتتعلم وتستفيد من خبرتهم إذا ما وضعت مشاعرك جانباً ولم تعد تكترث لها، فليس المهم أن يمدحك أو يقدر عملك، ولكن الأهم هو أن تستفيد من تراكم الخبرة وكثرة الأعمال التي يؤديها معك

إذا ما مررت بأحد الأشخاص من هذا النوع فإنك تشعر أحياناً بأنك أمام شخصية منفصمة، مبدعة في مجال عملها من طرف، ولكنها لا تعطي لمشاعر الآخرين أي تقدير من طرف آخر، تسعى للكمال والتطوير من جهة، وتحطم الآخرين وأعمالهم من جهة آخري! ويذكر عن ستيف جوبز هذه المواصفات تحديداً، إذ كانت لديه مشاكل كبيرة في التواصل مع الآخرين وتقدير أعمالهم.

 

لم يكن فريدمان يدرك في بداية تجربته بأنه سيصل إلى أن هذه الشخصية منتشرة في المجتمع، وأنها معرضة للإصابة بأمراض القلب ضعف ما يتعرض له أصحاب الشخصية الأخرى، الأكثر هدوءاً واتزاناً والمسمى "ب"، وهذا ما أظهرته التجربة بعد 8 سنوات من إجرائها، إذ أن 70% ممن تعرضوا فعلياً للإصابة بأمراض القلب كانوا من جماعة أ.

 

إذا ما تعرضت للعمل مع مدير أو قائد من هذا النوع، فلديك فرصة مناسبة لتتعلم وتستفيد من خبرتهم إذا ما وضعت مشاعرك جانباً وحيدتها ولم تعد تكترث لها، فليس المهم أن يمدحك أو يقدر عملك، وليس المهم أن تكون بجانبه طوال الوقت، سواء في التنفيذ أو في اتخاذ القرار، ولكن الأهم هو أن تستفيد من تراكم الخبرة وكثرة الأعمال التي يؤديها معك ومع الفريق، فهو صبور ومجتهد، يحب العمل ويسعى للإنتاج، وهذا بالتأكيد سيضاعف من فرصة تعرضك للمزيد من الخبرات واكتساب المهارات.

 

يقول الخبراء، أمام هذه الشخصية والظروف العصيبة التي سترافقك أحيانا معه، لديك خياران، إما الصمود وتحمل شخصيته والاستفادة من تجربته، أو الخروج من القفص، والبحث عن مكان آخر أفضل لك. أي كما يقول المثل: Fight or Flight! والقرار يعود لك، فماذا تختار؟

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.