شعار قسم مدونات

حروف على هامش الحياة

blogs - كتابة
كثيرون هم أولئك الذين التقينا بهم وتعارفنا، تلاقحت ثقافاتنا وأفكارنا، اتفقنا معهم وربما اختلفنا في أحايين كثيرة، أصدقاء وصديقات جمعتنا بهم مواقع التواصل الاجتماعي من بلدان كثيرة، يتفاوتون في درجات التعليم والإدراك والوعي والثقافة أيضا، وقلة من أولئك الذين التقينا بهم يتميزون بخصائص يتفردون بها في وسط كل هذا الزحام الكبير مواهب فذة في مجالات عديدة.

لن أتحدث عن شتى المجالات التي يبدع فيها كثير من الشباب، فالأمر واسع وأكبر من أن تختصره بعض الكلمات هنا، غير أنه من الممكن أن نتحدث عن مجال واحد تزخر به مواقع التواصل بكثرة ألا وهو الكتابة.

مبدعون كثر وأقلام مغمورة تعد بالكثير الكثير في المستقبل، يخيل إليك وأنت تقرأ لأحدهم أنك تقرأ لعملاق كبير في الأدب أو الصحافة، له باع طويل في الكتابة، غير أنه من المؤسف حقا أن تضيع ملامح هكذا شخصية واعدة في زحام الفرص التي تحتكرها قلة قليلة من الناس!

كثيرا مايلتفت الغالبية للعناوين البارزة للواجهات العريضة  للأسماء اللامعة و"الملمعة" فقط وهم يقرأون مقالا أو قصيدة أو ما شابه، يصل الأمر أحيانا إلى درجة أن يضغط أحدهم إعجابا في "فايسبوك" مثلا وهو مغمض العينين فقط لأن فلان الشخصية المشهورة هو من كتبها دون أن يقرأ حتى حرفا واحدا، ربما مما كتب في المقابل تجد أن بعض الكتابات الراقية جدا لكتاب مغمورين يمر عليها الجميع مرور الكرام، مع أنه لو قام أحدهم بنشر مثل هذه الكتابات ثم ذيلها باسم شخصية مشهورة للاقت رواجا كبيرا غير اعتيادي، ولانتشرت بسرعة انتشار النار في الهشيم!

لن تصل إلى القمم العالية وأنت مصاب بفوبيا الأماكن المرتفعة، لا يمكنك أن تصبح رقما صعبا وأنت تستصعب الأمور كلها، لا يمكنك أن تنتصر وأنت تسلم روحك لليأس في أول هزيمة.

لا علاقة للأمر بمستوى التعليم أيضا، فقد تجد شابا جامعيا يمتلك مؤهلا جامعيا عاليا، لا يجيد كتابة بعض الكلمات بالشكل الصحيح، بينما في المقابل يمكن أن تصنع المثابرة والجد مع وجود الموهبة مالا تصنعه الشهادات الكبيرة الورقية.

كثير من المجاملات والنفاق أيضا والواسطات التي تقرب البعيد وتسهل الصعب هي كل ما يقف عائقا أمام مبدع مغمور ليعلو إلى القمة، غير أنه مع ذلك من الجيد حقا أنه لا يزال بإمكان المرء المحاولة والمحاولة المجانية مرارا وتكرارا مع وجود مواقع التواصل  ليخلق بمحاولاته الكثيرة فرصة جيدة بها قد يصل إلى مكانته المستحقة.

بكل تأكيد أنك لن تصل إلى القمم العالية وأنت مصاب بفوبيا الأماكن المرتفعة، لا يمكنك أن تصبح رقما صعبا وأنت تستصعب الأمور كلها، لا يمكنك أن تنتصر وأنت تسلم روحك لليأس في أول هزيمة، لا يمكنك أن تكون مبدعا حقيقيا وأنت لا تؤمن بحقيقتك المبدعة. 

نحن في الحقيقة مع كل سبق نحتاج أيضا لقلوب مضيئة تدلنا إلى الطرق المتوهجة، نحتاج لقامات كبيرة تدرك جيدا أنها كانت في يوم من الأيام مجرد أسماء صغيرة على هامش الحياة قبل أن تمنحها الفرص الجيدة، نحتاج لأن تفتح لنا الأوطان قلوبها لا جيوبها المنتفخة من الأيادي المدسوسه فيها سرا وجهرا!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.