شعار قسم مدونات

أنا والقلم في مرآة الآخرين

blogs - أحمد يوسف
أن تقرأ كتاباً أو سيرةً ذاتيةً لأحد القيادات العربية؛ فحتماً أنت تقرأ صفحاتٍ أو كُتباً أو مجلداتٍ تتحدث عن إنجازاتٍ عظيمةٍ لأصحابها الذين صوَّروا تاريخهم على أنَّه حافلٌ بالإنجازات، بالطبع دون الإشارة إلى أدنى إخفاقٍ أو نقدٍ موجهٍ لهم من أحد الأطراف رغم ما في حياتهم من إخفاقات وانتقادات، لأنَّ الإنسان بطبيعته بشرٌ يُصيب ويُخطئ.

تلك الحال تذكرنا بقول ابن خلدون: "قرأت التاريخ فوجدته مليئاً بالانتصارات، وقرأت الواقع فوجدته مليئاً بالهزائم، فأدركت أن التاريخ مزيف"، وكيف لا يكون مزيفاً والقيادة لا تكتب إلا انتصاراتها الحقيقية والمزيفة؟! لكن الأمر مختلف تماماً بالنسبة للدكتور أحمد يوسف؛ المفكر السياسي الإسلامي والقيادي في حركة حماس، صاحب التجربة السياسية والفكرية الحافلة بالإنجازات. وهذا يبدو واضحاً من خلال كتابه الأخير الذي صدر تحت عنوان (أنا والقلم في مرآة الآخرين)، حيث حاول المؤلف جمع الكتابات المتعلقة به في كتابٍ مطبوعٍ كما هي دون زيادةٍ أو نقصانٍ. ويشكِّل هذا الكتاب وثيقةً لصالح المؤلف حتى وإن كان يوثِّق كلام بعض منتقديه في مشهد أشبه ما يكون بشخصٍ قام بكتابة أخطائه حتى لا يكررها.

محتويات الكتاب:
يأتي هذه الكتاب الصادر في غزة ضمن 730 صفحة من القطع المتوسط، ويقع في ثمانية فصول، بجانب مقدمة وثلاثة تقديمات، وخاتمة.. يبدأ الفصل الأول تحت عنوان "مقالات أثارت ضجَّة إعلامية"، حيث يشتمل على عددٍ من الموضوعات التي كانت موضع حديث للرأي العام، كتبها فلسطينيون وعرب انتقاداً للمؤلف، وهو بدوره قدَّم رداً عليها.. أما الفصل الثاني فيأتي بعنوان "د. أحمد يوسف في مرآة مادحيه"، وهو فصلٌ يحتوي على عديدٍ من المقالات التي كتبها معارف وأصدقاء المؤلف اعترافاً منهم بالصداقة وتضامناً معه وتوصيفاً لبعض مناقبه التي يتميز بها عن كثير من قيادات الحركات الإسلامية في غزة والضفة والخارج.

لعل أهم ما يميز هذا الكتاب أنه يقدّم عرضاً واستعراضا لكثير من الأقلام المميزة في قطاع غزة من ناحية، ويشكِّل مرجعاً أو وثيقةً للباحثين الذين يفكرون يوماً ما في دراسة شخصية المؤلف.

ويحمل الفصل الثالث عنوان "دردشات د. أحمد يوسف"، ويتحدث عن الضجة الإعلامية التي ثارت في أبريل 2015م؛ حينما تحدَّث المؤلف عن أنَّ هناك دردشات مع أطراف دولية حول وجود تهدئة طويلة الأمد مع الإسرائيليين، وحينها نفت قيادات حمساوية هذا الأمر، ثم ما لبثت أن اعترفت بذلك.. ويأتي الفصل الرابع تحت عنوان "سجالات أحمد يوسف مع الآخرين"، ويتحدث عن المناظرات الفكرية أو السجالات الإعلامية التي حصلت بين المؤلف واللواء توفيق الطيراوي حينما تحدث الأخير بأنَّ الانقسام بين الفصائل الفلسطينية ينتهي ويزول فور خروج الإخوان المسلمين من المشهد السياسي في إشارة منه إلى عدم تقبُّل الإخوان كشريكٍ فاعلٍ في المشهد السياسي الفلسطيني، وردَّ عليه الدكتور أحمد يوسف في وقتها من خلال مجموعة من المقالات.

ويستعرض الفصل الخامس تحت عنوان "د. أحمد يوسف في مرآة النقد" الانتقادات الموجهة للمؤلف، حيث جاءت في مقال واحدٍ فقط، حمل عنوان "د. أحمد يوسف والقلم: الوجه الآخر"، وتناول المقال جملةً من القضايا التي كان الدكتور أحمد يوسف قد تحدث بها من قبل، حيث أشار إلى طريقة تعاطي المؤلف مع الانتخابات التشريعية 2006م، والسلفيين في غزة، وثوابت حماس، والمصالحة، وأخيراً العلاقات الدولية والإقليمية لحركة حماس.. والفصل السادس تحت عنوان "أحمد يوسف بين الشاهد المأثور والسر المكنون"؛ يستعرض المقالات التي تحدَّثت عن مسيرته المهنية والعلمية منذ خروجه من غزة لاستكمال دراسته والعمل في الخارج قبل أكثر من ثلاثة عقود، ويضم الفصل ثلاثة موضوعات؛ الأول هو عبارة عن دراسة قام بها أحد الباحثين، والثاني عبارة عن حوار أجراه موقع دنيا الوطن للتعرف على حياة الدكتور يوسف عن قربٍ، والموضوع الثالث هو عبارة عن مقالة توثيقية يحاول الكاتب من خلالها انتزاع مواقف أو شهادات بعض المفكرين في غزة بحق الدكتور أحمد يوسف.

يأتي الفصل السابع المعنون بـ "شكراً حماس" متحدثاً عن مناقب الدكتور أحمد يوسف في عدد من المقالات لكُتَّاب مختلفين رداً على بعض مواقف حركة حماس تجاه المؤلف، حيث قالت الحركة أكثر من مرة بأنَّ تصريحات الدكتور أحمد يوسف شخصية وهو لا يمثل إلا نفسه، وذلك بسبب بعض التصريحات "المثيرة" حول الانتخابات الداخلية للحركة، أو علاقة الحركة بدول الجوار… أما الفصل الثامن والأخير؛ فيأتي تحت عنوان "قالوا عن د. أحمد يوسف"، ويضم مجموعةً من المقالات لشخصياتٍ اعتباريةٍ سياسيةٍ وأكاديميةٍ وفصائليةٍ، تقدِّم شهاداتها الخاصة في حق المؤلف.

وأخيراً؛ لعل أهم ما يميز هذا الكتاب أنه يقدّم عرضاً واستعراضا لكثير من الأقلام المميزة في قطاع غزة من ناحية، ويشكِّل مرجعاً أو وثيقةً للباحثين الذين يفكرون يوماً ما في دراسة شخصية المؤلف.

وأعتقد أنه كان من المهم جداً لو قام المؤلف بكتابة فصلين، الأول يتحدث بنفسه عن تجربه خلال السنوات الأربعين الماضية، والثاني يقدم تلخيصاً موجزاً لمؤلفاته التي استطاع كتابتها خلال سنواتٍ طويلةٍ من البحث والكتابة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.