شعار قسم مدونات

عاهات إدارية!

blogs-mannager
الإدارة أو القيادة وبعيداً عن التنظير في التفريق بينهما، لبّهما الالتزام وتحمل المسؤولية، الوصول إلى المنصب الإداري بالاعتماد فقط على معيار النجاح في الوظيفة هو الذي أوجد لنا كثيرا من العاهات الإدارية التي نقابلها في الشركات والمنظمات، تحقيق مندوب التسويق "sales agent" أعلى مبيعات بين زملائه لا يعني البتة أنه الشخص المؤهل لإدارة فريق العمل!

إبداع المهندس "engineer" وفهمه لتفاصيل الأجهزة والآلات، وقدرته على حل المشاكل الفنية أو التقنية أو الميكانيكية ببراعة وإتقان لا يمنحه الأهلية في أن يتبوأ المنصب الإداري دون النظر في المهارات الإدارية المطلوبة، إذا ما فهم موظف الموارد البشرية قوانين العمل والعمال وأدرك السياسة الداخلية للشركة أو المنظمة فلا يعني ذلك أنه قادر على إدارة فريق عمل، أو أن يكون هو الشخص المؤهل لإدارة قسم الموارد البشرية.

هناك مدارس إدارية ونظريات، والشيء الغريب أن أولئك القوم لا ينتمون إلى أي مدرسة إدارية جملة، بل يأخذون من كل مدرسة قبحها بما يتوافق مع رغباتهم.

ولأن ذلك الخطأ شائع في واقعنا، ويعتقد البعض خطأً أن التفوق الوظيفي هو معيار دقيق في منح الموظف المنصب الإداري، ينتشر فيما بيننا كثير من العاهات الإدارية التي تصيبك بالدهشة من تصرفاتها مع الموظفين وباقي الأقسام، وما إن أبحث في تاريخ تلك الشخصيات حتى يأتيني الجواب السريع بأنه كان من أبرع الموظفين، وحينها أفهم تماماً المعيار الذي تم اعتماده في وصول ذلك الإداري إلى موقعه الوظيفي الذي يشغله حالياً.

كلنا يعلم أن هناك مدارس إدارية ونظريات، والشيء الغريب أن أولئك القوم لا ينتمون إلى أي مدرسة إدارية جملة، بل يأخذون من كل مدرسة قبحها بما يتوافق مع رغباتهم، ولأن مصادر المعرفة لديهم إما أن تكون بعض الملصقات والعبارات الإدارية التي يتم تداولها دون دراسة ودراية، وإما أن تكون وراثة من أسلافهم المدراء الذين سبقوهم وعملوا معهم. ولعلنا نضع بين أيديكم شيئاً من صفات تلك العاهات حتى لا نقع في نفق الجهل الذي وقعوا فيه وإن حققوا أرباحا وعائدات للشركات، وكافأهم رؤساء وملاك الشركات على جهودهم، إلا أنهم يدمرون ثقافة أمة، ويحبطون أجيالاً من شبابها لإشباع رغباتهم التسلطية وجشعهم المالي.

كذاب
شخصية إدارية تكذب وتمارس الكذب ليل نهار على مرأى ومسمع كافة الموظفين، يقول لموظفيه كلاماً وأمام رئيسه يتحدث بشيءٍ آخر، ولا يمكن للإداري أو القيادي الحق أن يكون كذّابا.

متعجرف
شخصية تتعجرف وتتسلط على الموظفين، ويخلط قراراته الإدارية بعلاقاته الشخصية، فيظن أن الموظفين الذين يعملون معه له الصلاحية في توجيههم وإدارتهم حتى خارج حدود الشركة والإطار الزمني، فلا يستحي أن يطلب من أحد موظفيه خصوصاً ممن يسهل السيطرة عليهم أن يذهب لإحضار ابنائه من المدرسة، ولا يخجل أن يتصل على آخر كي يخبره بأنه قادم إليه كي يتسامر معه، وأن يعد لهما عشاءً، ولا يتورع أن يطلب من ثالثٍ أن يقوم بترتيب مكتبه المتسخ وملفاته وأوراقه المتناثرة!

متجهم
شخصية ترى في الابتسامة عيباً ونقصاً في الهيبة والجلال، تراه طوال ساعات العمل مقطّب الجبين، عابس الوجه، ويظن أن ذلك يزيده وقاراً وهيبة، وما علم أن الناس تنفر منه لطاقته السلبية التي تمرض النفوس 

عالي الصوت

إبداع المهندس "engineer" وفهمه لتفاصيل الأجهزة والآلات، وقدرته على حل المشاكل الفنية أو التقنية أو الميكانيكية ببراعة وإتقان لا يمنحه الأهلية في أن يتبوأ المنصب الإداري.

شخصية تعتقد أن رفع الصوت و"الزعيق" هو الحل الأمثل للإدارة والسيطرة على الموظفين، فتسمع صراخه في كل زاوية، وكلماته النابية تزكم الأنوف.

يقدس المظهر
شخصية تؤمن أن المظهر هو كل ما تحتاج إليه لتكون إداريا تتهافت عليك الشركات، فلا يتردد في أن يقترض شيئاً من المال من أجل شراء ملابس من الماركات العالمية، ويؤجر سيارة فارهة كي يقودها إلى شركةٍ ما من أجل إجراء مقابلة شخصية!

لا يعني ذلك عدم وجود إداريين محترفين، فالعالم العربي يملك من القادة الإداريين البارعين، ولكننا نضع أيدينا على الجرح لمعالجته، وحتى لا يضيع السمين مع الغث، وكما يقولون "الكثرة غلبت الشجاعة"، إذ إن تطبيق معايير إدارية احترافية أخلاقية يمثل صعوبة، وسوف يجابه إما بشكل مباشر، أو بطرق ملتوية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.